للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فّذَكَرَ مَنْ كان منهم مباينًا لهؤلاء.

فعند الزجّاج: لا يحتاج إلى إضمار الأمَّةِ المذمومة؛ لأن ذِكْرَ أهلِ الكتاب قد جرى، ثُمّ أخبر الله تعالى أنهم غير متساوين، بقوله: {لَيْسُوا سَوَاءً}، وههنا وقف التمام. ثُمّ أنبأ بافتراقهم، فقال: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} (١)

قال أبو بكر (٢): وقول الفرّاء هو الحق، واحتجاج الزّجاج عليه مُخْتَلٌّ (٣) فاسد، لأنه لو اكتفى بقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ} [آل عمران: ١١٢] من إضمار الأُمَّة الكافرة بعد ذِكْرِ الأُمَّة المؤمنة، لاكتفى بقوله عز وجل: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: ١١٠]، مِن ذِكْر الأُمَّتين جميعًا؛ فلما لم يكتفِ بالمؤمنين من الأُمَّة القائمة، لم يكتفِ بالفاسقين من الأُمَّة الكافرة، إذْ كان الله جل وعلا أتى بإخبار بعد إخبار، وَوَصْفٍ لهم إثْرَ وَصْفٍ؛ للزيادة (٤) في الإفهام، والمبالغة في الإيضاح والبيان. والله أعلم.

وكان أبو عبيدة يذهب مذهب الفرّاء: من إضمار الأُمَّة المذمومة، إلّا أنه لا يجعل تمامَ الوقف عند قوله: {لَيْسُوا سَوَاءً}، ويقول (٥): (الأُمَّة) رُفِع


(١) في (أ)، (ب): {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}. وما أثبته من: (ج)؛ لأنه الأولى والأنسب بسياق الكلام. وما ورد في (أ)، (ب) مما سبق به الفكر والقلب عادة في مثل هذه المواطن.
(٢) هو ابن الأنباري، كما سبق، ولم أقف على مصدر قوله وهو من تتمة النقل السابق عنه.
(٣) في (ج): (محتمل).
(٤) في (ج): (الزيادة).
(٥) لم أقف على مصدر قوله وليس موجودًا في "مجاز القرآن" بهذا النص؛ ونَصُّهُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>