للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحدة، ولكنهن لما كن عدة حسن فعل التكثير.

وقوله تعالى: {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} قال أهل اللغة (١) والنحويون: حاش وحاشا يستعملان في الاستثناء والتبرئة، فالاستثناء أن تقول: أتاني القوم حاشا زيد، ومعناه: إلا زيد، وموضع الجار مع المجرور نصب، وأكثر ما يستعمل معه اللام، نحو: ضربت القوم حاشا لزيد، وحاش لزيد، فإن أسقطت اللام جررت بحاشا ما بعدها، وقد أجاز النصبَ بها جماعةٌ من النحويين، وكالتي في الآية، وتأويلها: معاذ الله، وهو تنزيه ليوسف على حال البشر أو عما قُرف به.

وأما اشتقاق هذه الكلمة، فقال الزجاج (٢): اشتقاقه من الحشا والحاشية بمعنى الناحية، من قولك: كنت في حشا فلان، أي: في ناحيته، ومعنى قولك: حاشا لزيد: قد تنحى زيد عن هذا وتباعد منه، كما تقول: تنحى من الناحية، كذلك تحاشى من هذا الفعل بمعنى تباعد من حاشية الشيء، وهي ناحيته، ونحو هذا قال أحمد بن عبيد: حاشا مأخوذة من قول العرب: لا أدري أي الحشا أخذ فلان، يعنون أي النواحي، واحتج بقول الهذلي (٣):

يَقُولُ الذي أمْسَى إلى الحزْنِ أهْلُه ... بأيِّ الحَشَا أمْسَى الخَلِيطُ المُبَايِنُ


(١) "تهذيب اللغة" (حشو) ١/ ٨٢٥، و"الزاهر" ٢/ ٢٨٨.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٠٧.
(٣) لمالك بن خالد الخناعي، ويقال: للمعطل، والحشا: أجواف الأودية، والخليط: الذين يخالطون في الدار، المباين: المفارق المزايل، انظر: "شرح أشعار الهذليين" للسكري ١/ ٤٤٦، و"تهذيب اللغة" (حشا) ١/ ٨٢٦، و"المخصص" ٥/ ١١٨، و"شرح المفصل" ٢/ ٨٥، و"جمهرة اللغة" ٢/ ١٠٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>