للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو حدث، أو وقع، أو وجد، أو جاء») (١). يقول سيبويه: «وقد يكون لكانَ موضعٌ آخَرُ يُقتصَرُ على الفاعل فيه، تقول: قد كان عبدُ الله؛ أي قَد خُلِق عبدُ الله. وقد كان الأمرُ؛ أي وقعَ الأمرُ وقد دام فلانٌ؛ أي ثبت») (٢).

من خلال نصه لا يمكن أَنْ نحكم على جملته «كان عبد الله» أَنَّ كان تامة بدون سياق، وما كان لسيبويه ولا لغيره أَنْ يصل إلى هذه القاعدة بدون اعتباره.

- الحذف في الجملة الفعلِيَّة:

الحذف ظاهرة لغوية ثابتة وموجودة، تحدَّث عنها العلماء، وبيَّنوا معنى الحذف وشروطه وعلاقته بسياق الحال؛ فقالوا: «الاختصار أصل بلاغيّ، لا يختص بباب، ولا يقتصر على مسألة، ويراد به: حذف ما يمكن الاستغناء عنه من الألفاظ لداع يقتضيه. وهو جائز بشرطين:

أأن يوجد دليل يدل على المحذوف، ومكانه)؛ لأَنَّ عدم معرفة المحذوف يفسد المعنى فسادًا كاملًا، وعدم معرفة مكانه يؤثِّر في المعنى قليلًا أو كثيرًا (؛ فلوضع الكلمة في الجملة أثر في المعنى. ولا فرق في الدليل) القرينة (بين أَنْ يكون مَقَاليًّا؛ ) أي: قولًا يدل على المحذوف (وأَنْ يكون حاليًا؛ ) أي: أمرًا آخر مفهومًا من الحال والمقام، بغير نطق ولا كلام (.

ب وألا يرتب على حذفه إساءة للمعنى، أو إفسادٌ فى الصياغة اللفظِيَّة») (٣).

أي أَنَّ المُتَكَلِّم الموجود في سياق الحال لا يملك أَنْ يحذف أي جزء من الجملة إلا إذا تأكَّد من أَنَّ هذا لا يؤثِّر في فهم المخاطب للكلام من خلال قرينة قوية كقرينة سياق الحال أو الحال الحاضرة كما يسمِّيها السيرافي. وقد سبق سيبويه غيره في التأكيد على هذا فقال في باب «ما جرى من الأمر والنهى على إضمار الفِعل المستعمَلِ إظهارُه إذا عَلِمْت أنّ الرجل مُسْتَغْن عن لَفْظِكَ بالفِعل»:

«وذلك قولك: زيدًا، وعمرًا، ورأسَه. وذلك أنَّك رأيت رجلا يَضْرِبُ أو يَشْتِمُ أو يَقتل، فاكتفيتَ بما هو فيه من عمله أَنْ تَلفظَ له بعمله؛ فقلت: زيدًا؛ أى أَوْقِعْ عملَك بزيدٍ. أو رأيتَ رجلاً يقول: أَضْرِبُ شَّر الناسِ؛ فقلتَ: زيدا. أو رأيتَ رجلا يحدَّثُ حديثا فقَطَعَهُ؛ فقلتَ: حديثَك. أو قَدِمَ رجلٌ من سفرٍ فقلت: حديثَك؛ استغنيتَ عن الفعل بعلمه أَنَّهُ مستخبرٌ») (٤).


(١) د. علي توفيق الحمد ويوسف جميل الزغبي: المعجم الوافي في أدوات النحو العربي، ص ٢٤٤
(٢) سيبويه: الكتاب، ١/ ٤٦
(٣) عباس حسن: النحو الوافي، ٢/ ٥٦
(٤) سيبويه: الكتاب، ١/ ٢٥٣

<<  <   >  >>