للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحديث ليس بثابت عن عائشة، فإن عمرو بن ميمون يغلط في ذلك (١).

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، وابن جريج، كلاهما يخبره عن عطاء، عن ابن عباس أنه قال -في المني يصيب الثوب- قال: أمطه عنك. قال: أحدهما بعود أو إذخرة فإنما هو بمنزلة البصاق والمخاط.

هذا الحديث هكذا جاء في المسند، مرفوعًا (٢) على ابن عباس، وهو الصحيح.

وروي عن شريك، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء مرفوعًا، ولا يثبت رفعه.

وقد أخرجه الترمذي (٣) في كتابه موقوفًا بغير إسناد.

"الإماطة": الإزالة، أمطت الشيء إذا نحيته، ومطت أنا إذا انتحيت، وقيل: يقال: مطت الإناء؛ وأمطت أيضًا إذا انتحيت، ولذلك يقال: مطت غيري.


(١) وهذا ادعاء بغير بينة، وعمرو لم يثبت عنه الغلط في هذه الرواية، وروايته مستقيمة لا مغمز فيها.
فقد أخرج هذه الطريق البخاري في صحيحه (٢٢٩، ٢٣٠)، ومسلم (٢٨٩) كلاهما من طريق عمرو بن ميمون، عن سليمان عنها به، وفيه التصريح بالسماع منها.
قال الحافظ في الفتح (١/ ٣٩٨ - ٣٩٩):
وفي الإسناد الذي يليه (سألت عائشة) فيه رد على البزار حيث زعم أن سليمان بن يسار لم يسمع من عائشة، على أن البزار مسبوق بهذه الدعوى، فقد حكاه الشافعي في الأم عن غيره، وزاد أن الحفاظ قالوا: إن عمرو بن ميمون غلط في رفعه وإنما هو في فتوى سليمان.
وقد تبين من تصحيح البخاري له وموافقة مسلم له على تصحيحه صحة سماع سليمان منها وأن رفعه صحيح، وليس بين فتواه وروايته تنافٍ، وكذا لا تأثير للاختلاف في الروايتين حيث وقع في إحداهما: أن عمرو بن ميمون سأل سليمان، وفي الأخرى: أن سليمان سأل عائشة، لأن كُلًّا منهما سأل شيخه فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض وكلهم ثقات.
وانظر أيضًا التلخيص الحبير (١/ ٣٢ - ٣٣).
(٢) ليس معنى الرفع هنا على المعنى الاصطلاحي المعروف، وإنما يقصد بذلك أنه أسند إلى ابن عباس.
(٣) جامع الترمذي (١/ ٢٠٢) عقب حديث رقم (١١٧).
والطريق المرفوعة المشار إليها أخرجها البيهقي في السنن الكبير (٢/ ٤١٨) من طريق شريك، عن ابن أبي ليلى موقوفًا على ابن عباس وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>