للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ) , عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ (١) قَالَ: أَتَيْنَا أنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضي الله عنه - فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ (٢) فَقَالَ: اصْبِرُوا، " فَإِنَّهُ لَا يَأتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ عَامٌ (٣) إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ "، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -. (٤)

الشرح (٥)


(١) هُوَ كُوفِيّ هَمْدَانِيّ, وَلِيَ قَضَاءَ الرَّيّ, وَيُكَنَّى أَبَا عَدِيّ، وَهُوَ مِنْ صِغَار التَّابِعِينَ. فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٧١)
(٢) هو ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ , الْأَمِيرُ الْمَشْهُور، وَالْمُرَادُ شَكْوَاهُمْ مَا يَلْقَوْنَ مِنْ ظُلْمِهِ لَهُمْ وَتَعَدِّيهِ، وَعَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ: " كَانَ عُمَرُ فَمَنْ بَعْدَهُ إِذَا أَخَذُوا الْعَاصِي أَقَامُوهُ لِلنَّاسِ , وَنَزَعُوا عِمَامَتَهُ، فَلَمَّا كَانَ زِيَادٌ ضَرَبَ فِي الْجِنَايَات بِالسِّيَاطِ، ثُمَّ زَادَ مُصْعَب بْنُ الزُّبَيْرِ حَلْقَ اللِّحْيَة، فَلَمَّا كَانَ بِشْرُ بْنُ مَرْوَان سَمَرَ كَفَّ الْجَانِي بِمِسْمَارٍ فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاج قَالَ: هَذَا كُلُّهُ لَعِب، فَقَتَلَ بِالسَّيْفِ ".فتح الباري (٢٠/ ٧١)
(٣) (ت) ٢٢٠٦
(٤) (خ) ٦٦٥٧
(٥) اِسْتَشْكَلَ هَذَا الْإِطْلَاق , مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْأَزْمِنَةِ تَكُونُ فِي الشَّرِّ دُونَ الَّتِي قَبْلَهَا , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إِلَّا زَمَنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز-وَهُوَ بَعْدَ زَمَنِ الْحَجَّاجِ بِيَسِيرٍ- وَقَدْ اِشْتَهَرَ الْخَبَرُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْد الْعَزِيز، بَلْ لَوْ قِيلَ: أَنَّ الشَّرَّ اِضْمَحَلَّ فِي زَمَانِهِ, لَمَا كَانَ بَعِيدًا , فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُون شَرًّا مِنْ الزَّمَنِ الَّذِي قَبْلَهُ , وَقَدْ حَمَلَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَب، فَسُئِلَ عَنْ وُجُودِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ الْحَجَّاج , فَقَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنْفِيس.
وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّفْضِيلِ: تَفْضِيلُ مَجْمُوعِ الْعَصْرِ عَلَى مَجْمُوعِ الْعَصْر فَإِنَّ عَصْرَ الْحَجَّاجِ كَانَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ الْأَحْيَاء , وَفِي عَصْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز اِنْقَرَضُوا، وَالزَّمَانُ الَّذِي فِيهِ الصَّحَابَةُ خَيْرٌ مِنْ الزَّمَان الَّذِي بَعْدَهُ , لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - " خَيْر الْقُرُون قَرْنِي " , وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَوْله: " أَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي , فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي , أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ " , أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
ثُمَّ وَجَدْتُ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُود التَّصْرِيحَ بِالْمُرَادِ , وَهُوَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ، فَعَنْ زَيْد بْن وَهْب قَالَ: " سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُود يَقُولُ: لَا يَأتِي عَلَيْكُمْ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ شَرٌّ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ , حَتَّى تَقُومَ السَّاعَة، لَسْت أَعْنِي رَخَاءً مِنْ الْعَيْشِ يُصِيبُهُ , وَلَا مَالًا يُفِيدُهُ , وَلَكِنْ لَا يَأتِي عَلَيْكُمْ يَوْمٌ وَإِلَّا وَهُوَ أَقَلُّ عِلْمًا مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي مَضَى قَبْلَهُ، فَإِذَا ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ , اِسْتَوَى النَّاس, فَلَا يَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَر , فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْلَكُونَ ".
وَاسْتَشْكَلُوا أَيْضًا زَمَانَ عِيسَى بْنَ مَرْيَم بَعْدَ زَمَانِ الدَّجَّال، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ حِبَّان فِي صَحِيحِهِ بِأَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ لَيْسَ عَلَى عُمُومِه , للْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَهْدِيّ , وَأَنَّهُ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا بَعْدَ أَنْ مُلِئَتْ جَوْرًا.
ثُمَّ وَجَدْتُ عَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ مَا يَصْلُحُ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ الْحَدِيثُ , وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: " لَا يَأتِي عَلَيْكُمْ عَامٌ إِلَّا وَهُوَ شَرٌّ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَعْنِي عَامًا ". فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٧١)