للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حم) , وَعَنْ رَبِيعَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لي: " يَا رَبِيعَةُ , أَلَا تَزَوَّجُ؟ "، فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ، مَا عِنْدِي مَا يُقِيمُ الْمَرْأَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ يَشْغَلَنِي عَنْكَ شَيْءٌ، " فَأَعْرَضَ عَنِّي "، فَخَدَمْتُهُ مَا خَدَمْتُهُ، " ثُمَّ قَالَ لِي الثَّانِيَةَ: يَا رَبِيعَةُ , أَلَا تَزَوَّجُ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ، مَا عِنْدِي مَا يُقِيمُ الْمَرْأَةَ , وَمَا أُحِبُّ أَنْ يَشْغَلَنِي عَنْكَ شَيْءٌ، " فَأَعْرَضَ عَنِّي "، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي فَقُلْتُ: وَاللهِ لَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمُ مِنِّي بِمَا يُصْلِحُنِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهِ لَئِنْ قَالَ: " تَزَوَّجْ " لَأَقُولَنَّ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فَقَالَ: " يَا رَبِيعَةُ , أَلَا تَزَوَّجُ؟ "، فَقُلْتُ: بَلَى، مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ: " انْطَلِقْ إِلَى آلِ فُلَانٍ - حَيٍّ مِنْ الْأَنْصَارِ , وَكَانَ فِيهِمْ تَرَاخٍي عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ يَأمُرُكُمْ أَنْ تُزَوِّجُونِي فُلَانَةَ - لِامْرَأَةٍ مِنْهُمْ - " فَذَهَبْتُ فَقُلْتُ لَهُمْ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ , يَأمُرُكُمْ أَنْ تُزَوِّجُونِي فُلَانَةَ "، فَقَالُوا: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللهِ، وَبِرَسُولِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللهِ لَا يَرْجِعُ رَسُولُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا بِحَاجَتِهِ , فَزَوَّجُونِي وَأَلْطَفُونِي وَمَا سَأَلُونِي الْبَيِّنَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَزِينًا، فَقَالَ لِي: " مَا لَكَ يَا رَبِيعَةُ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَيْتُ قَوْمًا كِرَامًا، فَزَوَّجُونِي وَأَكْرَمُونِي وَأَلْطَفُونِي، وَمَا سَأَلُونِي بَيِّنَةً، وَلَيْسَ عِنْدِي صَدَاقٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يَا بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ، اجْمَعُوا لَهُ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ " قَالَ: فَجَمَعُوا لِي وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَخَذْتُ مَا جَمَعُوا لِي , فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: " اذْهَبْ بِهَذَا إِلَيْهِمْ، فَقُلْ: هَذَا صَدَاقُهَا "، فَأَتَيْتُهُمْ، فَقُلْتُ: هَذَا صَدَاقُهَا , فَرَضُوهُ وَقَبِلُوهُ، وَقَالُوا: كَثِيرٌ طَيِّبٌ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَزِينًا، فَقَالَ: " يَا رَبِيعَةُ مَا لَكَ حَزِينًا؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا رَأَيْتُ قَوْمًا أَكْرَمَ مِنْهُمْ , رَضُوا بِمَا آتَيْتُهُمْ , وَأَحْسَنُوا، وَقَالُوا: كَثِيرًا طَيِّبًا , وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُولِمُ، قَالَ: " يَا بُرَيْدَةُ، اجْمَعُوا لَهُ شَاةً "، قَالَ: فَجَمَعُوا لِي كَبْشًا عَظِيمًا سَمِينًا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ , فَقُلْ لَهَا فَلْتَبْعَثْ بِالْمِكْتَلِ الَّذِي فِيهِ الطَّعَامُ " قَالَ: فَأَتَيْتُهَا , فَقُلْتُ لَهَا مَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: هَذَا الْمِكْتَلُ , فِيهِ تِسْعُ آصُعِ (١) شَعِيرٍ، لَا وَاللهِ إِنْ أَصْبَحَ لَنَا طَعَامٌ غَيْرُهُ، خُذْهُ، فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْبَرْتُهُ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ: " اذْهَبْ بِهَذَا إِلَيْهِمْ , فَقُلْ: لِيُصْبِحْ هَذَا عِنْدَكُمْ خُبْزًا " , فَذَهَبْتُ إِلَيْهِمْ , وَذَهَبْتُ بِالْكَبْشِ، وَمَعِي أُنَاسٌ مِنْ أَسْلَمَ، فَقُلْتُ: لِيُصْبِحْ هَذَا عِنْدَكُمْ خُبْزًا , وَهَذَا طَبِيخًا، فَقَالُوا: أَمَّا الْخُبْزُ , فَسَنَكْفِيكُمُوهُ، وَأَمَّا الْكَبْشُ , فَاكْفُونَا أَنْتُمْ , فَأَخَذْنَا الْكَبْشَ أَنَا وَأُنَاسٌ مِنْ أَسْلَمَ، فَذَبَحْنَاهُ وَسَلَخْنَاهُ وَطَبَخْنَاهُ، فَأَصْبَحَ عِنْدَنَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ، فَأَوْلَمْتُ , وَدَعَوْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَانِي بعد ذلك أَرْضًا "، وَأَعْطَانِي أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - أَرْضًا وَجَاءَتْ الدُّنْيَا , فَاخْتَلَفْنَا فِي عِذْقِ نَخْلَةٍ , فَقُلْتُ أَنَا: هِيَ فِي حَدِّي، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ فِي حَدِّي، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ كَلَامٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَلِمَةً كَرِهَهَا وَنَدِمَ، فَقَالَ لِي: يَا رَبِيعَةُ، رُدَّ عَلَيَّ مِثْلَهَا حَتَّى تَكُونَ قِصَاصًا، قُلْتُ: لَا أَفْعَلُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَتَقُولَنَّ أَوْ لَأَسْتَعْدِيَنَّ عَلَيْكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ: وَرَفَضَ الْأَرْضَ، وَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَانْطَلَقْتُ أَتْلُوهُ، فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَسْلَمَ , فَقَالُوا لِي: رَحِمَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ , فِي أَيِّ شَيْءٍ يَسْتَعْدِي عَلَيْكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ قَالَ لَكَ مَا قَالَ؟، فَقُلْتُ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ , هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، هَذَا ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَهَذَا ذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ، إِيَّاكُمْ , لَا يَلْتَفِتْ فَيَرَاكُمْ تَنْصُرُونِي عَلَيْهِ فَيَغْضَبَ، فَيَأتِيَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " فَيَغْضَبَ لِغَضَبِهِ، فَيَغْضَبَ اللهُ - عز وجل - لِغَضَبِهِمَا " , فَيَهْلِكُ رَبِيعَةُ، فَقَالُوا: مَا تَأمُرُنَا؟ , قُلْتُ: ارْجِعُوا، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبِعْتُهُ وَحْدِي حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ كَمَا كَانَ، " فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيَّ رَأسَهُ , فَقَالَ: يَا رَبِيعَةُ، مَا لَكَ وَلِلصِّدِّيقِ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَ كَذَا , كَانَ كَذَا، وَقَالَ لِي كَلِمَةً كَرِهَهَا، فَقَالَ لِي: قُلْ كَمَا قُلْتُ حَتَّى يَكُونَ قِصَاصًا، فَأَبَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أَجَلْ، فلَا تَرُدَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قُلْ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ "، فَقُلْتُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، قَالَ الْحَسَنُ: فَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - وَهُوَ يَبْكِي. (٢)


(١) آصُع: جمع صاع , والصاع: مكيال يسع أربعة أمداد والمُدُّ قدر مل الكفين.
(٢) (حم) ١٦٦٢٧، انظر الصَّحِيحَة: ٣١٤٥، ٣٢٥٨