إليه في مقسمه، تقديره: أنه إنما أراد: خذ بطريق القسمة، وفهم دحية ذلك بقرائن، أو التصريح لم ينقله الرواي، فلم يأخذها إلا بالقسمة، ثم إن الشارع حصل عنده ما حصل أنها لا تصلح له من حيث أنها من بيت النبوة، وأنها من ولد هارون، ومن بيت الرياسة، فإنها من بيت سيد قريظة والنضير مع ما كانت عليه من الجمال المراد لكمال اللذة الباعثة على كثرة النكاح المؤدية إلى كثرة النسل، وإلى جمال الولد لا الشهوة النفسانية، فإنه معصوم.
وقال النووي عن المازري وغيره: يحتمل ما جرى مع دحية وجهين:
أحدهما: أن يكون رد الجارية برضاه، وأذن له في غيرها.
والثاني: أنه أذن له في جارية من حشو السبي لا أفضلهن، فلما رأى الشارع أنه أخذ أنفسهن وأجودهن نسبًا وشرفًا وجمالًا آثر ضمها؛ لئلا يتميز دحية بها وينتهك مرتبتها، فقطع الشارع هذِه المفاسد، وعوضه، كما جاء في رواية أخرى: أنها وقعت في سهمه، فاشتراها الشارع بسبعة أرؤس، والمراد: حصلت بالإذن في أخذ جارية ليوافق باقي الروايات، فأعطاه بدلها سبعة أرؤس تطبيبًا لقلبه لا أنه جرى عقد بيع، ثم هذا الإعطاء لدحية محمول على التنفيل. فإن قلت: إنه من أصل الغنيمة. فظاهر، وإن قلت: إنه من تخميس الخمس يكون هذا منه بعد أن ميز أو قبله، ويحسب منه. قال: وهذا الذي ذكرناه هو الصحيح المختار، وحكى القاضي معنى بعضه، ثم قال: والأولى عندي أن صفية كانت فيئا؛ لأنها كانت زوجة كنانة بن الربيع، وهو وأهله من بني أبي الحُقَيْق كانوا صالحوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشرط عليهم أن لا يكتموا كنزًا، فإن كتموه فلا ذمة لهم، وسألهم عن كنز حيي بن أخطب فكتموه وقالوا: أذهبته النفقات، ثم عثر عليه عندهم