يُضَار مخفَّفة، وأمّا رواية فتح التاء، فهي مبنيّة للفاعل بمعنى تتضارون، وحُذِفت إحدى التاءين؛ استثقالا لاجتماعهما، ومعنى هذا اللفظ: أن أهل الجنة إذا امتنّ الله عليهم برؤيته سبحانه تجلّى لهم ظاهرًا، بحيث لا يحجب بعضهم بعضًا ولا يضره ولا يزاحمه ولا يجادله، كما يفعل عند رؤية الأهلّة، بل كالحال عند رؤية الشمس والقمر ليلة تمامه.
وقد حُكي: ضاررته مضارة؛ إذا خالفته، وقد رُوي: تضامّون بالميم. والقول فيه روايةً ومعنًى كالقول في تضارون، غير أن تضامّون بالتشديد من المضامّة، وهي الازدحام؛ أي: لا تزدحمون عند رؤيته تعالى كما تزدحمون عند رؤية الأهلّة. وأما بالتخفيف، فمن الضيم، وهو الذل؛ أي: لا يذلّ بعضكم بعضا بالمزاحمة والمنافسة والمنازعة.
و(قوله: فإنكم ترونه كذلك) هذا تشبيه للرؤية ولحالة الرائي، لا المرئي. ومعناه: أنكم تستوون في رؤية الله تعالى من غير مضارّة ولا مزاحمة، كما تستوون في رؤية الشمس والبدر عِيانًا، وقد تأوّلت المعتزلة الرؤية في هذه الأحاديث بالعلم، فقالوا: إن معنى رؤيته تعالى أنه يُعلم في الآخرة ضرورة. وهذا خطأ لفظًا ومعنى.
وأما اللفظ: فهو أنّ الرؤية بمعنى العلم تتعدّى إلى مفعولين، ولا يجوز الاقتصار على أحدهما دون الآخر، وهي قد تعدّت هنا إلى مفعول واحد، فهي للإبصار، ولا يصحّ أن يقال: إن الرؤية بمعنى المعرفة؛ لأن العرب لم تستعمل رأيت بمعنى عرفت، لكن بمعنى علمت أو أبصرت، واستعملت علمت بمعنى عرفت، لا رأيت بمعنى عرفت.
وأما المعنى، فمن وجهين:
أحدهما: أنه - عليه الصلاة والسلام - شبّه رؤية الله تعالى بالشمس، وذلك التشبيه لا يصح إلا بالمعاينة.