ذكره صَاحِبُ "السُّحُب الوَابلة"(١) وقال: قال الشَّيْخ محمد بن فَيْرُوز: هو من أهْل أُثَيْثِيَة، قريةٌ من قُرَى الوَشْم، قَدِمَ عَلَينا في حَيَاة والدي، واسْمُه عَدْوَان فحوَّلْتُه إلى عَبْدِ العَزِيْز، فكان هو اسْمَهُ، وقرأ على الوَالد في "مُخْتصرِ المُقْنِع" من أوَّله إلى كتاب الصَّلاة، وحين رأيْتُ جَوْدَة فِهْمِهِ وتَوَقُّد قَرِيْحَتِه أشَرْتُ إلى الوَالدِ أَنْ ينْقُلَه إلى "المُنْتَهى"، فنَقَله، وقرأ منه إلى باب الشُّرُوْطِ في البَيْع، فتُوُفِّي الوَالدُ، فكَمَّلَهُ على الفَقِيْر، وقرأ النَّحْو والصَّرْفَ، وعُلُوم البَلاغَة والعَرُوض والقَوَافي، والفَرَائِض والحِسَاب، وأصُول الفِقْه، ومُصْطَلح الحَدِيْث والمَنْطِق على الفَقِيْر، وَبَرع في ذلك كلِّه. ولَهُ نَظْمٌ، وتآليف منها "رسالةٌ في الوَقفْ، رَدَّ بها على مُبْتَدِع العَارِض، وله نَظْم التَّوْحيد على نَهْج السَّلَف سَمَّاه "الدُّرَّة المضيَّة في نَظْم العَقِيدَة الوَاسِطية" أوَّلُها:
بربِّ البَرايا أستعينُ وأبتدي
وله شِعْر حَسَنٌ مِنْه قَصيْدةٌ يرثي فيها الوَالد، مَطْلَعُها:
دَعْ ذِكْرَ ميَّة مع جَاراتِها العُرُب … كَذَا البُكَاءُ على حَيٍّ من العَرَبِ
وسَافر صُحْبَتي إلى مَكَّة المُشَرَّفة، ثم إلى المَدِيْنة المُنَوَّرة، وبَعْدَما خَرْجنا منها ابْتَدأ به المرض فتُوُفَّي في الطَّريق عند وادٍ يُقالُ له النظيم، في خَامس وعِشْرينَ صَفَر سَنَةَ تِسعٍ وسَبعِيْن ومِئَةٍ وأَلْفٍ، وصَلَّى عليه الفَقِيْر ولقَّنه. انتهى.
قلت: قَوْلُه رَدَّ بها على مُبْتَدع العَارض أراد به شَيْخَ الإسلام الشَّيْخ المُجَدِّد محمد بنِ عَبْد الوَهَّاب، وقد عَلِم النَّاس ما بين الطَّائفتَيْن آل فَيْرُوز وأتْبَاعِهِم، وآل الشَّيخ وأتْبَاعِهِم، وكَمْ بَيْن الثَّرى من السُّها. وتَحَامُلُ الأقرانِ لا يَخْفَى على لَبِيْبٍ، وإلّا فأَيُّ بِدْعَةٍ ابْتَدَعها الشَّيخ محمد سِوَى اتِّبَاع الكِتاب والسُّنَّة، وأقوال العُلَماء المُحَقِّقِين، وقد جَعَل الله في عِلْمه ودَعْوَتِهِ وآلِهِ وأتْبَاعِهِ البَرَكَةَ، وعَمَّ بذلك النَّفْع عامَّة نَجْدٍ وغيرِهَا، حتى بلَغَتْ ما بَيْن المَشْرِقَيْن ولله الحمد والمِنَّة، فَرَحِمَهُ اللهُ رحْمَةً واسِعَةً.