للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد قال مالك: «إنَّ له أن يأخذ بقدر حقه، إذا كان عليه دَينٌ لغيره مما يصيبه في المحاصَّة، لا يزيد على ذلك» (١).

ووجه هذا القول: هو أنَّ الإنسان له أخذ حق نفسه؛ لأنَّ ذلك فِعْلُ ما يجوز له فعله، فلو قدر على أخذ حق غيره من ظالمٍ لوجب ذلك عليه؛ لأنَّ ذلك فعل خيرٍ ومعونةٌ عليه، وقد قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة:٢]، وقال النبيُّ : «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمَاً أَوْ مَظْلُوماً، قِيلَ: كَيْفَ يَنْصُرُهُ ظَالِمَاً، قَالَ: بِمَنْعِهِ مِنَ الظُّلْمِ» (٢)، وقد قال النبيُّ لهند امرأة أبي سفيان: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالمَعْرُوفِ» (٣)، فأباحها النبيُّ صلى الله عليه أخذ حقها وحق ولدها بالمعروف من غير علم أبي سفيان ولا إذنه لها في ذلك، فوجب أن يجوز لكل ذي حقٍّ أن يأخذ حقه ممن منعه منه إذا قدر عليه بنفسه وغيره، والله أعلم.

•••

[١٣١٥] مسألة: قال: ومن زرع أرضاً بشبهةٍ، فعليه كراؤها - يعني: ولا يُقْطَع زرعه -، استحقها صاحبها في وقت الزرع أو غير وقته (٤).

• إنّما قال ذلك؛ لأنَّ من زرع بشبهةٍ فليس هو متعدِّياً بالزرع كالغاصب الذي هو متعدٍّ بالزرع، فوجب أن تكون لزرعه حرمةٌ، لا يجوز أن يقلع حتى يبلغ،


(١) ينظر: النوادر والزيادات [١٠/ ٤٥٤].
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٤٤)، وهو في التحفة [١/ ٢٠٧].
(٣) متفق عليه: البخاري (٢٢١١)، مسلم [٥/ ١٢٩]، وهو في التحفة [١٢/ ١٤٨].
(٤) المختصر الكبير، ص (٢٧٨)، المدونة [٤/ ١٩٠]، النوادر والزيادات [١٠/ ٣٤١].

<<  <  ج: ص:  >  >>