للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيرَةَ رَفَعَهُ: (رَخَّصَ فِيمَا كَانَ يُوطَأُ، وَكَرِهَ مَا كَانَ مَنْصُوبًا) فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا (١).

٢ - قَدْ جَاءَ تَحْرِيمُ بَعْضٍ مِمَّا سَلَفَ مِنَ الأَمْثِلَةِ الَّتِي فِيهَا الامْتِهَانُ وَلَمْ يُقِرَّهَا رَسُولُ اللهِ !

كَمَا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ ؛ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً (٢) فِيهَا تَصَاوِيرٌ، فَقَامَ النَّبِيُّ بِالبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَقُلْتُ: أَتُوبُ إِلَى اللهِ مِمَّا أَذْنَبْتُ، قَالَ: ((مَا هَذِهِ النُّمْرُقَةُ؟)) قُلْتُ: لِتَجْلِسَ عَلَيهَا وَتَوَسَّدَهَا، قَالَ: ((إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَومَ القِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ! وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيتًا فِيهِ الصُورَةُ)) (٣).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : "وَظَاهِرُ حَدِيثَي عَائِشَةَ -هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ- التَّعَارُضُ، لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ السِّتْرَ الَّذِي فِيهِ الصُورَةُ بَعْدَ أَنْ قُطِعَ وَعُمِلَتْ مِنْهُ الوِسَادَةُ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ أَصْلًا! وَقَدْ أَشَارَ المُصَنِّفُ إِلَى الجَمْعِ بَينَهُمَا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ اتِّخَاذِ مَا يُوطَأُ مِنَ الصُّوَرِ جَوَازُ القُعُودِ عَلَى الصُورَةِ! فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتَعْمَلَ مِنَ الوِسَادَةِ مَا لَا صُورَة فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأَى التَّفْرِقَةَ بَينَ القُعُودِ وَالِاتِّكَاءِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَيضًا أَنْ يُجْمَعَ بَينَ الحَدِيثَينِ بِأَنَّهَا لَمَّا قَطَعَتِ السِّتْرَ وَقَعَ القَطْعُ فِي وَسْطِ الصُورَةِ مَثَلًا؛ فَخَرَجَتْ عَنْ هَيئَتِهَا؛ فَلِهَذَا صَارَ يَرْتَفِقُ بِهَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الجَمْعَ الحَدِيثُ الَّذِي فِي البَابِ قَبْلَهُ فِي نَقْضِ الصُّوَرِ" (٤).


(١) ضَعِيفٌ جِدًّا. الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوسَطِ (٥٧٠٣). الضَّعِيفَةُ (٥٩٩٨).
(٢) وَهِيَ الوِسَادَةُ.
(٣) البُخَارِيُّ (٥٩٥٧).
(٤) فَتْحُ البَارِي (١٠/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>