للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الحَدِيثِ: (قَالَ عَلِيٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ يَلُومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ؛ مُحْمَرَّةٌ عَينَاهُ؛ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي (١)؟! فَعَرَفَ النَّبِيُّ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ) (٢). رَوَاهُ البُخَارِيِّ -وَهَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ مُعَلَّقٌ-، وَتَرْجَمَ عَلَيهِ بِـ: "بَابُ الطَّلَاقِ فِي الإِغْلَاقِ وَالكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا وَالغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيرِهِ" (٣).

قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوَى -فِي مَعْرِضِ الكَلَامِ عَنِ الخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ-: "وَأَمَّا تَكْفِيرُهُمْ وَتَخْلِيدُهُمْ؛ فَفِيهِ أَيضًا لِلْعُلَمَاءِ قَولَانِ مَشْهُورَانِ: وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، وَالقَولَانِ فِي الخَوَارِجِ وَالمَارِقِينَ مِنَ الحَرُورِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الأَقْوَالَ الَّتِي يَقُولُونَهَا -الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ- كُفْرٌ، وَكَذَلِكَ أَفْعَالُهُمُ -الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الكُفَّارِ بِالمُسْلِمِينَ- هِيَ كُفْرٌ أَيضًا، وَقَدْ ذَكَرْتُ دَلَائِلَ ذَلِكَ فِي غَيرِ هَذَا المَوضِعِ، لَكِنَّ تَكْفِيرَ الوَاحِدِ المُعَيَّنِ مِنْهُمْ، وَالحُكْمَ بِتَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ مَوقُوفٌ عَلَى ثُبُوتِ شُرُوطِ التَّكْفِيرِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ.


(١) قُلْتُ: وَوَجْهُ قَولِهِ: (هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي)! هُوَ أَنَّ الخَمْرَ إِذَا أَخَذَتْ مَأْخَذَهَا مِنَ المَرْءِ؛ فَإِنَّهَا تُعْطِيهِ نَشْوَةً وَانْشِرَاحًا -أَعَاذَنَا اللهُ مِنْهَا- فَيَشْعُرُ نَفْسَهُ كَالمَلِكِ.
وَقَدِ اشْتَهَرَ قَولُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ -فِي الجَاهِلِيَّةِ- عَنِ الخَمْرِ: "فَنَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكًا … وَأُسْدًا، مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ".
(٢) البُخَارِيُّ (٧/ ٤٥).
(٣) يُنْظَرُ: (مَجْمُوعُ فَتَاوَى الشَّيخِ ابْنِ عُثَيمِين) (٣/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>