للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّا نُطْلِقُ القَولَ بِنُصُوصِ الوَعْدِ وَالوَعِيدِ وَالتَّكْفِيرِ وَالتَّفْسِيقِ؛ وَلَا نَحْكُمُ لِلْمُعَيَّنِ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ العَامِّ حَتَّى يَقُومَ فِيهِ المُقْتَضَى الَّذِي لَا مُعَارِضَ لَهُ، وَقَدْ بَسَطْتُ هَذِهِ القَاعِدَةَ فِي (قَاعِدَةُ التَّكْفِيرِ)، وَلِهَذَا لَمْ يَحْكُمِ النَّبِيُّ بِكُفْرِ الَّذِي قَالَ: ((إذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي اليَمِّ؛ فَوَ اللهِ لَئِنْ قَدَرَ اللهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبَنِي عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ العَالَمِينَ)) مَعَ شَكِّهِ فِي قُدْرَةِ اللهِ وَإِعَادَتِهِ! وَلِهَذَا لَا يُكَفِّرُ العُلَمَاءُ مِنِ اسْتَحَلَّ شَيئًا مِنَ المُحَرَّمَاتِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالإِسْلَامِ أَو لِنَشْأَتِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ، فَإِنَّ حُكْمَ الكُفْرِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الرِّسَالَةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَكُونُ قَدْ بَلَغَتْهُ النُّصُوصُ المُخَالِفَةُ لِمَا يَرَاهُ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الرَّسُولَ بُعِثَ بِذَلِكَ! فَيُطْلَقُ أَنَّ هَذَا القَولَ كُفْرٌ؛ وَيُكَفَّرُ مَتَى قَامَتْ عَلَيهِ الحُجَّةُ دُونَ غَيرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ" (١).


(١) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (٢٨/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>