قال سفيان بن وكيع: إني لأعجب كيف جاز حديث أبي أسامة! كان أمره بَيِّنًا، وكان من أسرق الناس لحديثٍ جيد". اهـ.
أقول: هاهنا أمور:
الأول: الأزدي في نفسه متهم، فلا يؤتمن على مثل هذا النقل.
الثاني: سفيان بن وكيع قد اتهمه أبو زرعة بالكذب, وأسقطه غيرُ واحد، فليس هو ممن يقبل قوله في مثل هذا، وستأتي ترجمته, فلعلَّه سمع قول أبيه, فأساء فَهْمَهُ.
الثالث: ذكر الذهبي حكاية الأزدي في "الميزان" (٢ / ت ٢٢٣٥) لكن وقع له: عن سفيان الثوري، ووهَّمَهُ الحافظ في "التهذيب" (٣/ ٣).
ثم قال الذهبي: أبو أسامة لم أورده لشيء فيه، ولكن ليُعرف أن هذا القول باطل. اهـ.
الرابع: لابن نمير -وهو محمد بن عبد الله- قولٌ في أبي أسامة، يُوهم تهمته له بالتدليس؛ فقد قال يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٨٠١): قال ابن نمير: هو الذي يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ونرى أنه ليس بابن جابر المعروف، ذكر لي أنه رجل يسمى بابن جابر، فدخل فيه، وإنما هو إنسان يسمى بابن جابر.
قال يعقوب: صدق، هو ابن تميم، وكأني رأيت ابن نمير يتهم أبا أسامة أنه علم ذلك وعرف، ولكن تغافل عن ذلك، قال لي ابن نمير: أما ترى روايته لا تشبه شيئًا من حديثه الصحاح الذي روى عنه أهل الشام وأصحابه الثقات. اهـ.
قال الذهبي في "تاريخ الإسلام": تلقت الأُمَّةُ حديث أبي أسامة بالقبول لحفظه ودينه، ولم يُنْصِفْهُ ابن نمير. اهـ.