فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة: ١٩٤]. وقد جاء في الحديث أن يهوديًا ذدخ رأس امرأة فضدخ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه. واحتلف في المستحق بقتل العمد، فقيل: القود ولا تجب الدية إلا بالتراضي، وقيل: التخيير بين القود والدية. وعن مالك فيها روايتان، عن الشافعي قولان.
قال أبو الحسن: قوله تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى} وقوله تعالى: {وكتبنا عليكم فيها أن النفس بالنفس}[المائدة: ٤٥] وقوله تعالى: {ومن قتل مظلومًا} الآية [الإسراء: ٣٣] ذلك كله يدل لأحد قولي الشافعي على الآخر وهو أنه يتعين القود في العمد لأنه تعالى قال: {النفس بالنفس} وإن ثبت تخيير، فالواجب أحد الأمرين، فلا يجوز أن يقال إن القصاص واجب بالقول المطلق بل الواجب أحد الأمرين، مثاله: إذا قيل ما الواجب في الحنث باليمين؟ فلا يجوز أن يقال: إنه العتق والكسوة أو الإطعام بل نقول: أحد هذه الخلال الثلاثة لا بعينه. فإذا لم يكن المال واجبًا بالقتل وجب القود على الخصوص. وروي عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قتل في عميًا أو رميًا يكون بينهم بحجر أو بسوط أو بعصا فعقله عقل خطأ، ومن قتل عمدًا فقود كله من حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) ولو كان الواجب أحدهما لما اقتصر على ذكر القود لأنه غير جائز أن يكون له أحد سببين فيقتصر النبي صلى الله عليه وسلم بالبيان على أحدهما