للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون الآخر، ويحتج للقول الآخر بقوله تعالى: {فمن عفي له أخيه شيء} الآية [البقرة: ١٧٨] وهي تحتمل معان: أحدها: أن ولي المقتول إذا أُعطي شيئًا من المال فليقبله وليتبعه بالمعروف ولؤد القاتل إليه بإحسان فندبه تعالى إلى أخذ المال إذا سهل ذلك عليه من جهة القاتل، وأخبر أنه تخفيف منه ورحمة كما قال عقب ذكر القصاص في سورة المائدة، {فمن تصدق به فهو كفارة له} [المائدة: ٤٥] فندبه إلى العفو والصدقة، وكذلك ندبه بما ذكره في هذه الآية إلى قبول الدية إذا بذلها الجاني لأنه بدأ بذكر عفو الجاني بإعطاء الدية، ثم أمر الولي بالاتباع وأمر الجاني بالأداء بالإحسان.

والعفو على هذا التأويل بمعنى اليسر والسهولة قال الله تعالى: {خذ العفو} [الأعراف: ١٩٩] أي ما سهل من الأخلاق، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله)) يعني تسهيل الله تعالى على عباده ((فمن)) على هذه الآية يراد به الولي و ((الأخ)) يراد به القاتل و ((الشيء)) هي الدية، والأخوة على هذا أخوة الأسلام ويحتمل أن يراد بالأخ على هذا [التأويل] المقتول أي سهل له قود أخيه المقتول فتكون الأخوة أخوة قرابة وإسلام. قال أبو الحسن: وهذا التأويل خلاف الظاهر من وجهتين:

أحدهما: أن العفو من القصاص يقتضي العفو عنه من مستحقه بإسقاطه.

والثاني: أن الضمير في ((له)) يجب أن ينصرف إلى من عليه القصاص

<<  <  ج: ص:  >  >>