للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الفرع فيقولون: (المشترك لا عموم له إلا إذا وقع بعد النفي). (١)

• ثالثًا: الأثر المُقارب:

هو النتيجة المتوسطة من مجموعة الاستدراكات الأصولية.

فهذا الأثر يكون بين استدراكين أو أكثر، فيختار محصلة الاستدراكات، ويجمع ويسدد بينها.

يمكن بيان هذا الأثر في مصنف الرسالة للإمام الشافعي؛ وذلك لأن من الدوافع التي دفعت الإمام الشافعي لتصنيف الرسالة: الاختلاف الشائك بين مدرستي الأثر في الحجاز والرأي في العراق، فاستدرك الشافعي على المدرستين وجمع وقارب بين مدرستي الرأي والأثر، وفي هذا يقول أبو زهرة (٢): "وهكذا نرى الشقة بين أهل العراق وأهل الحجاز قد أخذت تضيق حتى تقاربا، كل ذلك في شباب الشافعي، فلما جاء دوره كان هو الوسط الذي التقى فيه أهل الرأي وأهل الحديث معًا، فلم يأخذ بمسلك أهل الحديث في قبولهم لكل الأخبار مالم يقم دليل على كذبها، ولم يسلك مسلك أهل الرأي في توسيع نطاق الرأي؛ بل ضبط قواعده، وضيق مسالكه، وعبّدها، وسهلها، وجعلها سائغة" (٣).

ويذكر ضمن هذا الأثر ما سلكه الجويني في اختياراته لبعض المسائل


(١) يُنظر: أصول الفقه للبرديسي (ص: ١٥ - ١٦)؛ أصول الفقه تاريخه ورجاله (ص: ٣٤ - ٣٥).
(٢) هو: محمد بن أحمد، أبو زهرة، من أكبر علماء الشريعة الإسلامية في عصره، كان وكيلاً لكلية الحقوق بجامعة القاهرة، ووكيلاً لمعهد الدراسات الإسلامية، أصدر من تأليفه أكثر من أربعين كتابًا؛ منها: "تاريخ الجدل في الإسلام"، و" خلاصة أحكام الأحوال الشخصية والوصايا والمواريث"، وقد كتبها إجابة لطلب معهد القانون الدولي بواشنطن، وترجمت إلى الإنجليزية، كما أخرج لكل إمام من الأئمة الأربعة كتابًا ضخمًا يضم دراسة فقهية أصولية، (ت: ١٣٩٤ هـ). تُنظر ترجمته في: الأعلام (٦/ ٢٥).
(٣) يُنظر: الشافعي حياته وعصره آراؤه وفقهه (ص: ٧٩).

<<  <   >  >>