قال أبو بكر: في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بسَتْرِ وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن. وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها سَتْرُ وجهها وشعرها؛ لأن قوله تعالى:{وَنِسَاءِ المؤمنين} ظاهره أنه أراد الحرائر، وكذا رُوي في التفسير، لئلا يكنَّ مثل الإماء اللاتي هنّ غير مأمورات بستر الرأس والوجه، فجعل الستر فرقاً يعرف به الحرائر من الإماء. وقد رُوي عن عمر أنه كان يضرب الإماء ويقول: اكشفن رؤوسكنّ ولا تَشَبَّهْنَ بالحرائر) انتهى.
وقال قبلها عند قوله تعالى:{وَإذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وراء حِجَابٍ} قد تضمن حَظْرَ رؤية أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيَّن به أن ذلك أطهر لقلوبهم وقلوبهن؛ لأن نَظَرَ بعضهم إلى بعض ربما حدث عنه الميل والشهوة، فقطع الله بالحجاب الذي أوجبه هذا السبب.
قوله تعالى:{وَمَا كان لَكُمْ أن تُؤْذُوا رَسُولَ الله} يعني ما بيَّن في هذه الآية من أيجاب الاستئذان وتَرْكِ الإطالة للحديث عنده والحجاب بينهم وبين نسائه. وهذا الحكم وإن نزل خاصّاً في النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه فالمعنى عام فيه وفي غيره، إذ كنّا مأمورين باتباعه والاقتداء به إلا ما خصه الله به دون أمته) انتهى.