للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخصوبة شاعريته التي كانت تمتد بجذورها إلى الشعر العربي القديم، بما فيه من خطابة وقوة موسيقية ظاهرة وقدرة على الوصف والاستطراد ..

كان يدرك بهذه المواهب كلها أن الفكر اليساري إذا انعزل عن التراث فسوف يبقى فكرا جافا غريبا ضعيف التأثير، ولم يكن الشرقاوي يطيق لفنه وفكره أن يكون قطعة باردة معروضة في متحف يتفرج عليها الزائرون والسائحون، كان محبا لحرارة الحياة، عاشقا لرؤية النتائج الفعلية للكلمة والفكرة واضحة جلية أمام عينيه في حياة الناس، وما كان شيء من ذلك يمكن أن يتحقق إلا بالدخول القوي في عالم التراث، وأهم ما في هذا التراث هو التاريخ الإسلامي والفكر الإسلامي، وهنا دخل بأفكرة الجديدة إلى التاريخ الإسلامي والفكر الإسلامي، وقدم في السنوات الأخيرة من حياته أعمالا بارزة في هذا المجال بدأت بكتابه «محمد رسول الحرية»، وتوقفت عند آخر أعماله «الصديق أبو بكر». واستطاع بهذه الأعمال التي لا شك في قيمتها وروعتها وعمقها أن يصل إلى جماهير واسعة جدا من القراء، وأن يدخل بفكره إلى معظم بيوت العرب والمسلمين.

ولكن محاولته «التوفيقية» بين فكره اليساري والتراث الإسلامي جرت عليه الكثير من المعارك العنيفة التي مات وفي نفسه شيء منها ... ولم يستطع أبدا أن يجد لها حلا نهائيا حاسما ..

لقد ثار عليه الكثيرون من المحافظين ولم يتقبلوا منهجه في دراسة الإسلام وتراثه.

وكان من مظاهر هذه المعارك العنيفة أن مسرحيته «الحسن ثائرا وشهيدا»، وهي من جزءين، لم تر النور حتى (الآن) رغم ظهورها منذ حوالي عشرين عاما، وذلك بسبب اعتراض المحافظين على المسرحية ورفضهم لمنهج الشرقاوي في تصوير التاريخ الإسلامي والتعبير عنه.

وكان من مظاهر هذه المعارك أن كتابه «محمد رسول الحرية» ما زال مصادرا في عدد كبير من بلدان العالمين العربي والإسلامي.

وكان من مظاهر هذه المعركة العنيفة، ما دبّ بينه وبين الشيخ عبد الحليم محمود في السبعينات من خلاف بالغ العنف والحدة .. وكان من ذلكأيضا ما دب بينه وبين الشيخ محمد الغزالي من خلاف صاخب عند ما كان الشرقاوي يكتب دراسته الواسعة عن «علي إمام المتقين».

وهكذا فقد أراد الشرقاوي أن يحقق منهجه في «التوفيق» بين أفكاره اليسارية وبين التراث الإسلامي فخاض معركة بالغة الشراسة، ولم يخرج منها بغير جراح تركت آثارها واضحة على نفسه وقلمه» (١).

وفي آخر حوار معه في مجلة «المصور»، أجراه معه المحاور مصطفى عبد الغني، وضمّنه كتابه «الشرقاوي متمردا»، وبعد أن قرأه الشرقاوي مكتوبا، قال له إنه يفضل نشر الحديث بعد وفاته. والذي فهمته من الحوار أنه كانت له ميول شيوعية، وأفكار اشتراكية، مجسدة في المنهج اليساري. ولكنه كان ينفي انتماءه لأي حزب. ومع ذلك عند ما سئل: أين تضع نفسك في خارطة التصنيفات المألوفة: يمين، يسار، تقدمي، ماركسي، وسط .. إلى غير ذلك؟

قال: أنا ضد مثل هذه التصنيفات، وأنا موقفي يتحدد في انحيازي للحق والحرية والشعب، ويتحدد أكثر بالانحياز الواضح والصريح إلى هذا المعسكر الأخير .. الشعب.

وإذا أردت التوقف عند التفكير الذي يتخذ سمة دينية فإنني أقول: إن الفكر الحقيقي يجب أن يكون دائما لتحقيق الهدف الأسمى، وهذا الهدف الأسمى

لا يخرج بأية حال عن تكوين (مجتمع فاضل) (٢).

وفي الاحتفال بالذكرى الخامسة لرحيله تقرر إنشاء مدرسة وبيت ثقافة باسمه في قريته، وتنظيم مسابقة في القصة والرواية والشعر والمقال باسمه، كما أطلق اسمه على أحد الشوارع الهامة بمدينة شبين الكوم تخليدا لذكره (٣) (وانظر المستدرك)!

ومن أعمال المتنوعة:

- ابن تيمية: الفقيه المعذب.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٤٠٨ هـ، ٢٥٧ ص.- (مؤلفات عبد الرحمن الشرقاوي؛ ١٢).

- الأرض.- القاهرة: مكتبة غريب، ١٤٠٤ هـ، ٤٢٩ ص.

- أئمة الفقه التسعة.- ط ٣.- القاهرة:

الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٤٠٧ هـ، ٢ مج.- (مؤلفات عبد الرحمن الشرقاوي؛ ١٤، ١٥) (الدراسات التاريخية؛ ٤).

مج ١: الإمام زيد بن علي زين العابدين، الإمام جعفر الصادق، أبو حنيفة النعمان، مالك بن أنس، الليث بن سعد، الإمام الشافعي.

مج ٢: الإمام أحمد بن حنبل، الإمام ابن حزم، العز بن عبد السلام.

- الحسين ثائرا: مسرحية في ١٣ منظرا.- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.


(١) المصور ع ٣٢٩٣ - ٢٨/ ٣/ ١٤٠٨ هـ ص ٣٧ - ٣٨.
(٢) المصدر السابق، العدد نفسه، ص ٦٠.
(٣) الأهرام ع ٣٨٧١٣ (٨/ ٦/ ١٤١٣ هـ). وانظر مقال: «عبد الرحمن الشرقاوي يزور السيرة والتاريخ» / أنور الجندي.- المجتمع ع ٨٧٣ (٢١/ ١١/ ١٤٠٨ هـ) ص ٣٦ - ٣٧. وله ترجمة وقائمة بأعماله في: ببليوجرافيا الرواية في إقليم غرب ووسط الدلتا ص ٢٣١، وجيل العمالقة والقمم الشوامخ في ضوء الإسلام ص ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>