للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفاد نسبة القيام إلى ضمير زيد إثباتًا لكن لا بنفسه وبحسب الوضع بل بواسطة الموضوع الذى هو زيد ولهذا قال فيما سبق: إن نحو حيوان ناطق وقائم فى: زيد قائم لم يوضع لإفادة النسبة ثم المشهور أن الكلام عنده هو المنتظم من الحروف المسموعة المتميزة واحترز بالمسموعة عن المكتوبة وبالمتميزة عن أصوات الطيور، فيشمل من الكلمة ما لا يكون على حرف واحد ويخرج الكلام الذى يكون على حرف مثل"ق" و"ر" اللهم إلا أن يراد أعم من الملفوظة والمقدرة ولما لم تكن المكتوبة حروفًا حقيقة وكان إطلاق الكلام على المهمل بعيدًا ترك المحقق فى المسموعة وزاد قَيَّد المتواضع عليها احترازًا عن المهملات.

قوله: (مما يتناوله نحوه) إشارة إلى أن ضمير هى ليس عائدًا إلى الكلمة ولا إلى قائم بتأويل اللفظة على ما توهم بل إلى المشتقات المتكثرة المدلول عليها بقوله نحو قائم.

قوله: (أن يعلم منه وقوع النسبة) قد ذكر عبد القاهر وغيره أن لا دلالة للخبر على وقوع النسبة وإنما يدل على حكم المخبر بالوقوع واستدلوا على ذلك بوجوه كثيرة فتوهم منه بعضهم أن مدلول اللفظ ومفهومه هو حكم المخبر بوقوع النسبة لا نفس الوقوع بل الوقوع واللاوقوع بالنظر إلى اللفظ على السواء، وهذا غلط وإنما مدلول اللفظ وقوع النسبة والإخبار إعلام بذلك وعدم الوقوع احتمال عقلى بناء على أن مفهوم اللفظ وما يحصل منه فى العقل لا يلزم أن يكون ثابتًا فى نفس الأمر، وقد حققنا ذلك فى شرح التلخيص.

قوله: (الكلام المحكوم فيه بنسبة خارجية) لا يخفى أن للكلام اللفظى ذكرًا نفسيًا هى نسبة قائمة بالنفس فإن كان مدلوله النسبة النفسية فقط، فإنشاء، وإن كان مع دلالة وإشعار بأن لها متعلقًا خارجيًا فخبر فمدلول الخبر أوّلًا، وبالذات هى النسبة النفسية وثانيًا وبالعرض هى النسبة الخارجية على ما تقرر عندهم من أن للشئ وجودًا فى الأعيان ووجودًا فى الأذهان ووجودًا فى العبارة ووجودًا فى الكتابة والكتابة تدل على العبارة، والعبارة على ما فى الذهن وما فى الذهن على ما فى العين فبالنظر إلى الأول وصف الكلام النفسى بأنه المدلول عليه باللفظى، وبالنظر إلى الثانى جعل الخبر محكومًا فيه بنسبة خارجية وأما جعل المدلول عليه مرفوعًا صفة لما هو خارج فتكلف لا حاجة إليه، ولذا قال: غير الخبر ما لا يشعر

<<  <  ج: ص:  >  >>