للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما إذا أخبر أن فى ذهنه صورة كذا ولا تحتمل الكذب بدليل من خارج مفهوم اللفظ، وأما الثالث: فلأنه ماض بمعنى أنه ثبت فى ذهنى تعليق الطلاق فالقابل للتعليق بالتحقيق هو ما فى الذهن واللفظ إخبار عنه وإعلام به، وأما الرابع فلأن القطع بالفرق المذكور إنما هو فى الإخبار عما فى الخارج وأما الفرق بين الإنشاء والإخبار عما فى الذهن فدقيق جدًا، وتحقيقه أن الإنشاء معناه حدوث البيع بهذا اللفظ، والإخبار معناه حدوث البيع بما فى الذهن من الكلام النفسى الإيقاعى الذى عبر عنه بهذا اللفظ فإن قيل فعلى هذا يتحد الواقع والنفسى الذى هو مدلول الكلام فتمتنع المطابقة التى هى الصد قلنا يتغايران بحسب الاعتبار وهو الإضافة إلى اللفظ وعدمها فتلك النسبة القائمة بالنفس من حيث إنها مدلول اللفظ مطابقة لها لا من حيث هذه الحيثية بل من حيث هى ثابتة فى النفس.

المصنف: (والصحيح أن نحو بعت واشتريت. . . إلخ) أعلم أن الحنفية قالوا إنها إخبارات على أصل معناها اللغوى وقال غيرهم: إنها إنشائيات منقولة عن الخبر احتج هؤلاء بأنها لو كانت أخبارًا لكانت كاذبة لأنه لم يبع قبل ذلك الوقت ولم يطلق والكذب لا اعتداد به لكنها معتد بها فدل ذلك على أنها ليست أخبارًا بل إنشاء لحصول لوازم الإنشاء فيها من استتباعها لمدلولاتها وغير ذلك من اللوازم، وبأنها لو كانت أخبارًا لكانت إما كاذبة فلا اعتداد بها أو صادقة فتكون متوقفة على تقدم أحكامها فحينئذ إما أن تتوقف عليها أيضًا فيلزم الدور أو لا تتوقف عليها فيلزم أن يطلق امرأته أو يعتق عبده وهو ساكت وهو خلاف الإجماع وبأنها لو كانت أخبارًا فإما أن تكون خبرًا عن الماضى أو الحاضر وحينئذ يتعذر تعليقها على الشرط لأن من شرط الشرط أن لا يتعلق إلا بمستقبل أو تكون خبرًا عن المستقبل، وحينئذ لا يزيد على التصريح به ولو صرح به وقال لامرأته ستصيرين طالقًا لم تطلق وبأنه لو قال لمطلقته الرجعية أنت طالق لزمه طلقة أخرى فلو كان خبرًا لا لزمه طلقة أخرى وبأن قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، أمر بالطلاق والأمر بالطلاق لا يكون عائدًا على التحريم لأن التحريم من صفاته تعالى فتعين صرفه لأمر آخر يقتضيه ويستلزمه توفية باللفظ الدال على الطلب وما ذاك إلا قول القائل أنت طالق فدل على أن هذه الصيغة سبب التحريم ويترتب التحريم عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>