للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع غضبه، جائعاً، فسقوه رثيئةً فسكن غضبه، وكف عنهم. والرثيئة: اللبن الحامض، يخلط بالحلو. وقوله: " تفثأ " يعني: تكسر وتكف الغضب. قال أبو عبيد: ومن الرغبة في المعروف وإن كان يسيرا حديث عائشة رضي الله عنها حين سألها سائل وعندها طبق عنب، فأعطيه حبة، وعندها نساء فضحكن من ذلك فقالت: " إنَّ فيما ترين مثاقيل ذر كثير " قال أبو عبيد: تريد قول الله عز وجل:) فمن بعمل مثقالَ ذرةٍ خيراً يره " ويروى عن عبد الحمن بن عوف مثله أيضاً.

[باب جود الرجل بما فضل عن حاجته من ماله.]

قال أبو عبيد: من أمثالهم في هذا قولهم: وحسبك من غنى شبع وري.

وهذا المثل لامرئ القيس بن حجر الكندي، وكانت له معزى، فقال يذكرها:

فتملأ بيتنا أقطاً وسمناً ... وحسبك من غنى شبعٌ وريٌ

فقد يكون في هذا معنيان، أحدهما أن يقول: أعط الناس كل ما كان وراء الشبع والري، والآخر القناعة باليسير، يقول: فاكتف به ولا تطلب ما سوى ذلك. قال أبو عبيد: والمعنى الأول هو عندي الوجه، لقوله في شعر له آخر:

فلو أنَّ ما أسعى لأني معيشةٍ ... كفاني ولم أطلب قليل من المالِ

<<  <   >  >>