للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وفيه من الفقه أن جابرا لما استكشف من حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخمصة اهتم بها إلا أنه لم يبدأ بأن يذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيئا حتى ذهب إلى أهله وسأل عما عندهم، فلما أخبرته بطعام يكفي الواحد أو الاثنين، رأى أنه يسد به خصاصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن جابر يدعو ذلك الخلق كله على طعامه ذلك، وإنما أعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما عنده وأنه كاف للرجل أو الاثنين، فاستصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس كافة، فكانوا أضياف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضيف جابر فيما بلغه وسعه، والخلق ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يناله وسعه.

* فأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كم هو؟) فإنني لا أراه إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد بسؤاله عنه لجابر أن يطيبه عنده ويكثره، ولا يكون جابر على انكسار ولا خجل، إذا رأى ذلك الخلق عنده.

* وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن لا ينزع البرمة ولا الخبز من التنور، فيجوز أن تكون البرمة على الأثافي، وفي ذلك أنه إذا لم ينزل القدر ولم يظهر الخبز من التنور نال الضيف ذلك وهم سخن، فيكون في هذا نوع (١١٨/أ) فائدة لأكله من حيث علم البدن.

* وفيه أيضا أنه لفرق ما بين الاتجاد والعدم، فإن ذلك لو كان قد دفعت الحجر، وكان قد قطع عنها مادة ما ولو كان الخبز رفع من التنور، لكان قد فرغ منه، وعلم عدده، لم يقطع مادة الاتجاد، ولو اطلع على ذلك لعلم عدده، فلما كان باقيا على حاله جعل سترا بين الاتجاد والعدم، وإلا فما يخفى على الآدمي أن قدر بهيمة وصاع شعير مما يستحيل أن يأكل منه ألف.

<<  <  ج: ص:  >  >>