وَمن الْأَدِلَّة على ذَلِك: الْإِنْسَان الَّذِي يدْخل فِي الْإِسْلَام حَدِيثا، فَهَل تَسْتَطِيع أيّ فرقة أَن تَقول إِنَّه معتزلي أَو أشعري؟ أمّا نَحن فبمجرَّد إِسْلَامه يصبح وَاحِدًا منا.
وَإِن شِئْت الْمِثَال على عقيدة الْعَوام فاسأل الملايين من الْمُسلمين شرقا وغربا هَل فيهم من يعْتَقد أَن الله لَا دَاخل الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا فَوْقه وَلَا تَحْتَهُ كَمَا تَقول الأشاعرة.
أم أَنهم كلهم مفطورون على أَنه تَعَالَى فَوق الْمَخْلُوقَات، وَهَذِه الْفطْرَة تظل ثَابِتَة فِي قُلُوبهم حَتَّى وان وجدوا من يُلقِّنهم فِي أذهانهم تِلْكَ المقولة الموروثة عَن فلاسفة اليونان (١).
وَقس على هَذَا نظرية الْكسْب وَالْكَلَام النَّفْسِيّ وَنفي التَّأْثِير وأشباهها مِمَّا سترى فِي عقائد الأشاعرة على أَن الْمَوْضُوع
(١) بل إِن متكلِّمي الأشاعرة الَّذين ينفون الْعُلُوّ بِكُل جرْأَة ويستندون إِلَى شُبُهَات كَثِيرَة، تَجِد فِي خبايا كَلَامهم إِقْرَارا بِهِ دون أَن يشعروا؛ لِأَن مغالبة الْفطْرَة من أصعب الْأُمُور, فالرازي مثلا - مَعَ إِنْكَاره الشَّديد للعلو فِي (التأسيس وَالتَّفْسِير) قَالَ فِي التَّفْسِير: "إنّ الله خسف بقارون فَجعل الأَرْض فَوْقه وَرفع مُحَمَّدًا - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَجعله قاب قوسين تَحْتَهُ". ١/ ٢٤٨. ط: بيروت.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute