للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَو جوّزنا الْقدح فِي الدَّلَائِل الْعَقْلِيَّة القطعية صَار الْعقل مُتَّهمًا غير مَقْبُول القَوْل, وَلَو كَانَ كَذَلِك لخرج أَن يكون مَقْبُول القَوْل فِي هَذِه الْأُصُول, وَإِذا لم تثبت هَذِه الْأُصُول خرجت الدَّلَائِل النقلية عَن كَونهَا مفيدة.

فَثَبت أَن الْقدح فِي الْعقل لتصحيح النَّقْل يُفْضِي إِلَى الْقدح فِي الْعقل وَالنَّقْل مَعًا, وَأَنه بَاطِل.

وَلما بطلت الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة لم يبْق إِلَّا أَن يقطع بِمُقْتَضى الدَّلَائِل الْعَقْلِيَّة القاطعة بِأَن هَذِه الدَّلَائِل النقلية إِمَّا أَن يُقَال: إِنَّهَا غير صَحِيحَة (١) , أَو يُقَال: إِنَّهَا صَحِيحَة إِلَّا أَن المُرَاد مِنْهَا غير ظواهرها.

ثمَّ إِن جوّزنا التَّأْوِيل اشتغلنا على سَبِيل التَّبَرُّع (٢) بِذكر تِلْكَ التأويلات على التَّفْصِيل. وَإِن لم يجز التَّأْوِيل فوّضنا الْعلم بهَا إِلَى الله تَعَالَى. فَهَذَا هُوَ القانون الْكُلِّي المرجوع إِلَيْهِ فِي جَمِيع المتشابهات وبالله التَّوْفِيق". اهـ.


(١) يُلَاحظ أَن الدَّلَائِل النقلية تَشْمَل نُصُوص الْكتاب وَالسّنة مَعًا فَكيف يُقَال إِنَّهَا غير صَحِيحَة دون تَفْرِيق بَينهمَا، مَعَ أَن مُجَرّد إِطْلَاقهَا على السّنة وَحدهَا فِي غَايَة الخطورة.
(٢) هَل وصلت قيمَة نُصُوص الْوَحْي إِلَى حد أَن الِاشْتِغَال بتأويلها - الَّذِي هُوَ تَحْرِيف لَهَا - يعْتَبر تَبَرعا وإحسانا؟!

<<  <   >  >>