وَنفي الجوهرية والعرضية والجهة والجسمية ... إِلَى آخر المصطلحات البدعية الَّتِي جعلُوا نَفيهَا أصولاً وأنفقوا الْأَعْمَار والمداد فِي شرحها ونفيها. وَلَو أَنهم قَالُوا: الْكَوْن مَخْلُوق وكل مَخْلُوق لابد لَهُ من خَالق لَكَانَ أيسر وأخص, مَعَ أَنه لَيْسَ الدَّلِيل الوحيد, وَلَكنهُمْ تعمّدوا مُوَافقَة الفلاسفة حَتَّى فِي ألفاظهم (١).
الثَّالِث: التَّوْحِيد:
التَّوْحِيد عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة مَعْرُوف بأقسامه الثَّلَاثَة, وَهُوَ عِنْدهم أول وَاجِب على الْمُكَلف، أما الأشاعرة قدماؤهم ومعاصروهم, فالتوحيد عِنْدهم هُوَ نفي التَّثْنِيَة أَو التَّعَدُّد وَنفي التَّبْعِيض والتركيب والتجزئة أَي حسب تعبيرهم "نفي الكمية الْمُتَّصِلَة والكمية الْمُنْفَصِلَة", وَمن هَذَا الْمَعْنى فسروا الْإِلَه بِأَنَّهُ: الْخَالِق أَو الْقَادِر على الاختراع,
(١) انْظُر الْأَبْوَاب الأولى من أَي كتاب فِي عقيدتهم, ومجموع الْفَتَاوَى:٢/ ٧_٢٣ وَأول شرح الاصبهانية. ويلاحظ أَن تعمدهم اسْتِخْدَام كلمة (حَادث) سَببه أَنهم لَو قَالُوا: "مَخْلُوق" لألزمهم الفلاسفة بِأَن هَذَا هُوَ مَوضِع النزاع وَلَا يسْتَدلّ بِالدَّعْوَى على نَفسهَا فِي نظرهم، مَعَ هَذَا فالفلاسفة يَقُولُونَ: الْكَوْن قديم وَلَا نسلم أَنه حَادث، فالأشاعرة كَمَا قَالَ شيخ الْإِسْلَام: "لَا لِلْإِسْلَامِ نصروا وَلَا للفلاسفة كسروا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute