للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِهَذَا قَالَ الرَّازِيّ الَّذِي عجز هُوَ الآخر عَن فهمها: "إِن الْإِنْسَان مجبور فِي صُورَة مُخْتَار".

أما الْبَغْدَادِيّ فَأَرَادَ أَن يوضحها فَذكر مِثَالا لأحد أَصْحَابه فِي تَفْسِيرهَا شبّه فِيهِ اقتران قدرَة الله بقدرة العَبْد مَعَ نِسْبَة الْكسْب إِلَى العَبْد "بِالْحجرِ الْكَبِير قد يعجز عَن حمله رجل وَيقدر آخر على حمله مُنْفَردا بِهِ فَإِذا اجْتمعَا جَمِيعًا على حمله كَانَ حُصُول الْحمل بأقواهما، وَلَا خرج أضعفهما بذلك عَن كَونه حَامِلا"!!

وعَلى مثل هَذَا الْمِثَال الْفَاسِد يعْتَمد الجبرية وَبِه يتجرأ الْقَدَرِيَّة المنكرون؛ لِأَنَّهُ لَو أَن الْأَقْوَى من الرجلَيْن عذب الضَّعِيف وعاقبه على حمل الْحجر فانه يكون ظَالِما بِاتِّفَاق الْعُقَلَاء، لِأَن الضَّعِيف لَا دور لَهُ فِي الْحمل، وَهَذِه الْمُشَاركَة الصورية لَا تَجْعَلهُ مسؤولا عَن حمل الْحجر.

والإرادة عِنْد الأشاعرة مَعْنَاهَا "الْمحبَّة وَالرِّضَا" وأوّلوا قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} بِأَنَّهُ لَا يرضاه لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ! فَبَقيَ السُّؤَال واردا عَلَيْهِم: وَهل رضيه للْكفَّار أم فَعَلُوهُ وَهُوَ لم يردهُ؟.

وفعلوا بِسَائِر الْآيَات مثل ذَلِك.

<<  <   >  >>