للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليه. وفي رواية: يطعم عنه وليه قال صاحب "التهذيب": ولا يبعد تخريج هذا في الصَّلاة؛ فيطعم عن كل صَلاَةٍ مُدّاً، وإذا قلنا بالإطعام في الاعتكاف فالقدر المقابل بالمد اعتكاف يَوْمٍ بليلته، هكذا حَكاه الإمام عن رواية شيخه قال: وهو مشكل، فإن اعتكاف لحظة عبادة تَامة، وإن قيس على الصوم، فالليل ثم خارج عن الاعتبار (١).

الحالة الثانية: أن يكون موته قبل التمكن من القضاء، بأن لا يزال مريضاً من استهلال شول إلى أن يموت، فلا شيء في تركته ولا على ورثته (٢)، كما لو تلف ماله بعد الحَوْل وقبل التَّمَكُّن من الأدَاء لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.

المسألة الثانية: الشَّيْخ الهَرِم الذي لا يَطِيق الصوم أو يلحقه مشقه شديدة فلاَ صَوْمَ عليه، وفي الفدية قولان:

أحدهما: ويحكى عن رواية البويطي وحرملة: أنها لا تجب عليه.

وبه قال مالك، كالمريض الذي يرجى زوال مرضه إذا اتصل مرضه بالموت، وأيضاً فإنه سقط فرض الصوم عنه فأشبه الصَّبِيَّ والمجنون.

وأصحهما: وبه قال أبو حنيفة وأحمد: أنها تَجِب، ويروى ذلك عن ابن عمرو ابن عباس وأنس وأبي هريرة -رضي الله عنهم- وقرأ ابن عباس "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِديِةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ" (٣)، ومعناهُ: يُكَلَّفُونَ الصَّوْم فلا يطيقونه، والقولان جَارِيان في المريض الذي لا يرجى برؤه.


(١) قال النووي: لم يصحح الإمام الرافعي واحداً من الجديد والقديم في صوم الولي، وكأنه تركه لاضطراب الأصحاب فيه، فإن المشهور في المذهب: تصحيح الجديد. وذهب جماعة من محققي أصحابنا، إلى تصحيح القديم، وهذا هو الصواب. بل ينبغي أن يجزم بالقديم، فإن الأحاديث الصحيحة ثبتت فيه، وليس للجديد حجة من السنَّة. والحديث الوارد بالإطعام، ضعيف، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- ولفظه: "من مات وعليه صيام، فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين". الترمذي عن مثبته عن عثير بن القاسم عن أشعث عن محمد عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً وقال غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، والصحيح أنه موقوف على ابن عمر. قال أشعث وهو ابن سوار ومحمد هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقال الحافظ في التلخيص ورواه ابن ماجه من هذا الوجه ووقع عنده عن محمد بن سيرين بدل محمد بن عبد الرحمن وهو وهم عنه من شيخه، وقال الدارقطني المحفوظ وقفه علي بن عمر وتابعه البيهقي على ذلك. تلخيص الحبير (٢/ ٢٢١) حديث (٥٠) فيعيَّن القول بالقديم. ثم من جَوَّز الصيام جَوَّز الإطعام. ينظر الروضة (٢/ ٢٤٧).
(٢) قال في الخادم: يفهم من تمثيله بالمريض. فرض المسألة في المعذور. فأما المتعدي بإفطار رمضان إذا مات قبل التمكن من القضاء فإنه تلزمه الفدية وبه صرح الرافعي في باب النذر. ينظر الروضة (٢/ ٢٤٧).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٣١٨) وانظر التلخيص (٢/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>