للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحهما: أنه لا يلزمه شيء، لتولده عن مَنْدُوبٍ إليه مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ منه.

والثَّانِي: أن عليه الفدية إذا تركه، كما لو أصابه من مَوْضِعٍ آخر، لأن في الحالتين أصاب الطِّيب بعدم الإحرام موضعًا لم يكن عليه طِيب، هذا كله في البَدَنِ، وفي تطييب إزار الإحْرَام وردائه وجْهَانِ:

أحدهما: لا يجوز؛ لأن الثَّوْبَ يُنْزَعُ وَيُلْبَسُ، وإذا نزعه ثم أعاده كان كما لو استأنف لِبْسَ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ.

وأصحهما: أنه يجوز، كما يجوز تطييب البَدَن، وبعضهم يَنْقُل هذا الخِلاَف قولين، والمشهور الأول، وفي "النهاية" وجه ثالث، وهو الفرق بين أن يبقى عليه عين بعد الإحْرَام فلا يجوز، وبين أن لا يبقى فيجوز، كما لو شد مسكًا في ثوبه واستدامه.

قال الإمام: والخلاف فيما إذا قَصَد تطييب الثوب.

أما إذا طيب بدنه فتعطر ثوبه تبعاً فلا حرج بِلاَ خِلاَف، وإلى هذا أشار في الكتاب حيث قال: (قصداً إليه) فإن جوزنا تطييب الثَّوْب للإحْرَامِ فلا بأس باستدامة ما عليه بعد الإحْرَام كما في البدن، لكن لو نزعه ثم لبسه ففي الفدية وجهان:

أحدهما: لا يلزمه؛ لأن العادة في الثَّوْبِ أن ينزع ويعاد فجعل عفواً.

وأصحهما: أنها تلزم كما لو أخذ الطَّيب من بَدَنِهِ ثم رَدَّهُ إليه، وكما لو ابتدأ لبس ثوب مطيب بعد الإحْرَام، وفي الفصل مسألة أخرى وهي: أن المرأة يستحب لها أن تخضب بالحِنَّاء يديها إلى الكُوعَيْنِ قَبلَ الإِحْرَامِ.

وروى: "أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَمْسَحَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا لِلإحْرَام بالْحِنَّاءِ، وَتَمْسَحَ وَجْهَهَا أَيضاً بِشَيْءٍ مِنَ الْحِنَاءِ" (١).

لأنا نأمرها في الإحْرَامِ بنوع تكشف، فلتستر لَونَ البشرَةِ بلون الحِنَّاء، ولا يختص أصْلُ الاستحباب بحَالَةِ الإحرام، بل هو محبوب في غيرها من الأحوال: "رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةَ بَايَعَت رسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْرَجَت يَدَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَين الْحِنَّاءُ" (٢) نعم في حالة الإحْرَامِ، ولا فرق بين ذات الزوج والخَلِيَّة، وفي سائر الأحوال يكره الخِضَاب للخلية، قاله في "الشامل" وحيث يستحب فإنما يستحب تعميم اليَد بالخِضَابِ دون التنقيش،


(١) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٧٢) من رواية ابن عمر. وقال البيهقي: هذا حديث ليس بمحفوظ، انظر: خلاصة البدر (١/ ٣٥٧).
(٢) أخرجه أبو داود (٤١٦٥) من رواية عائشة بلفظ: (لا أبايعك حتى تغيري كفيك) وإسناده مجهول، وله طريقان آَخران واهيان. انظر: الخلاصة (١/ ٣٥٧) والتلخيص (٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>