للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بالإضراب عنه أو لظنه أنه أنْهَاه نِهَايَتَهُ.

ولو أقيمت المكتوبة في أثناء الطواف فتخليلها بينها تَفْرِيقُ بِالْعُذْرِ.

وقطع الطَّواف المفروضِ بِصَلاةِ الجَنَازَةِ والرَّواتِبِ مَكْرُوهٌ، إذ لا يحسن تَرْكُ فَرْضِ لعَيْنِ بِالتَّطَوُّعِ أو فرضِ الكفَايَةِ.

إذا وقفت على المسألة فقوله: (لا يفوت، إذ الموالاة ليست بِشَرْطٍ في أجزاء الطَّواف) ليس تسليماً لكون الركعتين من أجزاء الطواف فإن ذلك يناقض قوله من قبل: (إنهما ليستا من الأركان) ولكن المعنى: أن الموالاة إذا لم تشترط في أجزائه فأولى أن لا تشترط بينه ويين ما هو من توابعه، وهذا شَرْحُ واجبات الطواف، وفي وجوب النية (١) فيه خِلاَفٌ نذكره من بعد.

قال الغزالي: أَمَّا سُنَنُ الطَّوَافِ فَهِيَ خَمْسٌ: الأُولَى أَنْ يَطُوفَ مَاشِياً لاَ رَاكِباً، وَإِنَّمَا رَكَبَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيَظْهَرَ لِيُسْتَفْتَى.

قال الرافعي: القسم الثاني: من وظائف الطَّوَافِ السُّنَن.

فمنها: أن يطوف ماشياً ولا يركب إلا بعذر مرض ونحوه كيلا يؤذي النَّاس، ولا يلوث المسجد: "وَقَدْ طَافَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الأَكْثَرِ مَاشِياً، وَإِنَّمَا رَكِبَ فِي حَجَّةِ (٢) الوَدَاعِ لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيَسْتَفْتِيَ المُفْتُونَ".

فإن كان الطائف مترشحاً للفتوى فله أن يتأسى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فَيَرْكَب، ولو رَكِبَ مِنْ غير عُذْرٍ أجزأه ولا كراهة، هكذا قاله الأصْحَاب.

وقال الإمام: وفي القلب من إدْخَالِ البَهِيمَةِ المَسْجِد، ولا يؤمن تَلْوِيثها بشيء فإن أمكن الاستيثاق فذاك، وإلا فإدْخَال البهائم في المسْجِدِ مَكْرُوهٌ.

ويجوز أن يعلم قوله: (أن يطوف ماشياً) بالميم والحاء؛ لأن عندهما ليس ذلك مِنَ السُّنَنِ، بل يجب أن يطوف ماشياً إن لم يكن له عذر، فإن ركب فعليه دم، وبالألف لأنه يروي عن أحمد مثله.

قال الغزالي: الثَّانِيَةُ تَقْبِيلُ الحَجَرِ الأَسْوَدِ، وَمَسُّ الرُّكْنِ اليَمَاني بِاليَدِ، فَإِنْ مَنَعَتِ


(١) إن استقل الطواف بأن لم يشمله نسك كسائر العبنادات كالطواف المنذور والمقطوع به. قال ابن الرفعة: وطراف الوداع لا بد له من نية؛ لأنه يقع بعد التحلل، ولانه ليس من المناسك عند الرافعي والنووي، بخلاف الذي شمله نسك، وهو طواف الركن للحج أو العمرة، وطواف القدوم، فلا يحتاج في ذلك إلى نية لشمول نية النسك له.
(٢) البخاري (١٦٠٧، ١٦١٢، ١٦١٣، ١٦٣٢، ٥١٩٢) ومسلم (١٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>