والثاني: المنع؛ لأن السَّابِق إلى الفَهْمِ من لفظ الحَصَا غيرها، ولا يجزئ اللؤلؤ وما ليس بِحَجَرٍ من طبقات الأرض كالزَّرنيخ والنورة والإثمد والمدر والجص والجواهر المنطبعة كالنَّيرين وغيرهما.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله- يجزئ الرمي بما لا ينطبع من طبقات الأرض كالزرنيخ والنورة ونحوهما.
والسّنة أن يرمي بمثل حَصَا الخَذْفِ، وهو دون الأنملة طولاً. وعرضاً في قدر البَاقلاء، ويضعه على بَطْنِ الإبهام ويرميه برأس السبابة، ولو رمي بأصغر من ذلك أو أكبر كُرِهَ وأجزأه، ويستحب أن يكون طاهراً (١).
قال الغزالي: وَيُتْبَعُ اسْمُ الرَّمْي فلاَ يَكْفِي الوَضْعُ، وَلَو انْصَدَمَ بِمَحَلٍّ في الطَّرِيق فلاَ بَأْس، وَلَوْ وَقَعَ في المَحْمَلِ فَنَفَضَهُ صَاحِبُهُ فلاَ يُجْزِئُ، وَلَوْ رَميَ حَجَرَيْنِ مَعاً فَرَمْيَهُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَلاَحَقَا في الوُقُوعِ، وَلَوْ أَتْبعَ الحَجَرَ الحَجَرَ فَرَمْيَتَانِ وإنْ تَسَاوَيَا (و) في الوُقُوعِ، وَالعَاجِزُ يَسْتَنِيبُ في الرَّمْي إِذَا كانَ لاَ يَزُولُ عَجْزْهُ وَقْتَ الرَّمْي، فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْعَزِل نَائِبُهُ؛ لأَنَّهُ زِيَادَةٌ في العَجْزِ.
قال الرافعي: في الفَصْلِ مَسَائِلُ:
إحداها: الذي ورد في الفَصْلِ من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله إنما هو الرَّمْيُ فيتبع هذا الاسم حتى لو وضع الحَجَرُ في المَرْمَى لم يعتد به، وفي شَرْحِ القاضي ابْنِ كِجٍّ: ونهاية الإمام: حكاية وجه أنه يعتد به اكتفاءً بالحصول في المرمى، ولا بد مَعَ الرَّمْىِ مِنَ القَصْدِ إلى المَرْمَى حتى لو رمى في الهَوَاء ووقع في المرمى لَمْ يعتد بِهِ، ولا يشترط بقاء الحَجَرِ في المَرْمَى فلا يضر تدحرجه وخروجه بعد الوقوع، لكن ينبغي أن يحصل فيه، فإن تردد في حصوله فيه فقد نقلوا فيه قولين:
الجديد: عدم الإجزاء، ولا يشترط كون الرامي خارج الجَمْرَة بل لو وقف في طرف منها ورمي إلى طَرَفٍ جَازَ.
ولو انصدمت الحصاة المرمية بالأرض خارج الجمرة أو بمحملٍ في الطريق أو عنق بعير أو ثوب إنسان ثم ارتدت ووقعت في المَرْمَى اعتد بها لحصولها في المرمى
(١) قال النووي: جزم الإمام الرافعي -رحمه الله- بأن يرميه على هيئة الخذف فيضعه على بطن الإبهام، وهذا وجه ضعيف. والصحيح المختار: أن يرميه على غير هيئة الخذف ينظر الروضة (٢/ ٣٩٢).