بفعله من غير معاونة أحد، ويفارق ما لو انصدم السَّهمُ بالأرض ثم أصاب الغَرَض لا يحسب به في المُسَابَقَةِ على أحد القولين؛ لأن المَقْصُودَ هاهنا إصابة المَرْمَى بفعله، وليس المقصود مجرد إصابة الغرض بل على وجه يعرف منه حذق الرامي وجودة رميه، ولو حرك صاحب المحمِل المحمَل فنفضها أو صاحب الثوَّبَ الثَّوْبَ أو تحرك البعير فدفعها ووقعت في المرمى لم يعتد بها؛ لإنها ما حصلت في المرمى بِفِعْلِهِ.
وعن أحمد: أنه يعتد بها، ولو وقعت الحَصَاة على المحمل أو عُنُقِ البَعِيرِ ثم تدحرجت إلى المَرْمَى ففي الاعتداد بها وجهان، ولعل الأشبه المنع؛ لجواز تأثرها بتحرك البعير أو صاحب المَحْمَل، ولو وقعت في غير المَرْمَى ثم تدحرجت إلى المَرْمَى وردتها الرِّيح إليه فوجهان.
قال في "التهذيب": الأصح: الإجزاء؛ لأنها حصلت فيه لا بفعل الغَيْرِ، ولا يجزئ الرمي عن القوس والدفع بالرِّجْلِ قاله في "العدة".
الثانية: يشترط أن يرمي الحصيات في صَبْعِ دفعات؛ لأن النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "كَذَلِكَ رَمَاهَا، وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ"(١)، ولو رمى حصاتين معاً نظر إن وقعتَا معاً فالمحسوب رميةٌ واحدةٌ، وكذا لو رمى سبعاً دفعة واحدةً ووقعت دفعة واحدة أو مرتباً في الوقوع فرمية لاتحاد الرمي، أو رميتين لتعدد الوقوع؟ فيه وجهان:
أصحهما: أولهما، وهو المذكور في الكتاب، ويروى الثاني عن أبي حنيفة -رحمه الله- ولو أتبع الحجَرَ الحَجَرَ ووقعت الأولى قبل الثانية فهما رميتان، وإن تساويتا في الوقوع ففيه الوجهان.
والأصح: وهو المذكور في الكتاب: أنهما رميتان، وأجروا الوجهين فيما لَوْ وقعت الثَّانِيةَ قَبْلَ الأولَى.
ولو رمى حَجَراً قَد رَمَى مَرَّة نظر إن رماه غيره أو رماه هو إلى جمرة أخرى أو إلى تلك الجمرة في يوم آخر جَاز، ويمكن أن يتأدى جميع الرَّميات بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وإن رماه هو إلى تلك الجمرة في ذلك اليوم فوجهان. قال في "التهذيب":
أظهرهما: الجواز كما لو دفع إلى مِسْكِينٍ مُدّاً في كفارة ثم اشتراه ودفعه إلى آخر، وعلى هذا قد يتأدى جميع الرَّميات بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ.
الثالثة: العَاجِز عن الرمي بنفسه لمرض أو حبس ينيب غيره ليرمي عنه؛ لأن الإِنَابة جائزة في أصْلِ الحَجِّ فكذلك في أبعاضه، ويستحب أن يناول النَّائِب الحَصَى إن