للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انصرف فإن شرطنا الترتيب لم يجزه أصْلاً، وإن لم نشترطه أجزأه عن يومه. ولو رمى إلى كل جمرة أربعة عشرة حَصَاة سبعاً عن أمسه وسبعاً عن يَوْمِهِ جَازَ، إن لم نعتبر الترتيب وإن اعتبرناه فَلاَ يَجُوز، وهو نصه في "المختصر" هذا كُلُّه في رمي اليوم الأول والثاني من أيام التشريق.

أما إذا ترك رَمْيِ يَوْم النَّحْرِ ففي تداركه في أيَّامِ التشريق طريقان:

أصحهما: أنه على القولين.

والثاني: القطع بأنه لا تدارك لمغايرة ذلك الرمي رمي أَيَّامِ التشريق في العدد، والوقت والحكم فإن ذلك الرمي يؤثر في التَّحلل دون هذا الرَّمْيِ.

الثانية: يشترط في رمي أيام التشريق الترتيب في المكان وهو أن يرمي أولاً إلى الجمرة التي تلي مسجد الخِيف، وهي أقرب الجمرات من مِنَى وأبعدها من مكة، ثم إلى الجَمْرَةِ الوُسْطَى، ثم إلى القصوى وهي جمرة العقبة، فلا يعتد برمي الثانية قبل تمام الأولى ولا بالثَّالِثَةِ قَبْلَ تَمَامِ الأوليين.

وعن أبي حنيفة -رحمه الله- لو نكسها أعاد فإن لم يفعل أجزأه.

لنا أنه -صلى الله عليه وسلم-: "رَتَّبَهَا وَقَدْ قَالَ": خُذُوا عَنِّي مَنَاسكَكُمْ" (١) ولأنه نسكٌ مُتَكَرِّرٌ فيشترط فيه التَّرْتِيب كما في السَّعْي فلو ترك حصاةٌ ولم يدر من أين تركها أخذ بأنه تركَهَا مِنَ الجَمْرَةِ الأُولَى، ويرمي إليها وَاحِدَةٌ ويعيد رمي الأخرتين، وفي اشتراط الموالاة بين رَمْيِ الجمرات ورَمَيَاتِ الجمرة الواحدة الخلاف المذكور في الطَّوَافِ.

والسنة أن يرفع اليَدَ عند الرمي فهو أَهْوَنُ عليه، وأن يرمي أيام التشريق مستقبل القِبلَة، وفي يوم النَّحْرَ مستدبرها، هكذا ورد الخبر (٢)، وأن يكون نازلاً في رَمْي اليومين الأولين ورَاكِباً في اليوم الأخير يرمي ويسعى عقيبه، كما أنه يَوْم النحر يرمي ثم ينزل، هكذا أورده الجمهور، ونقلوه عن نصه في "الإملاء"، وفي "التتمة"؛ أن الصَّحيح ترك الركوب في الأَيَّام الثلاثة (٣). والسنة إذا رمى الجَمْرَةَ الأُولَى أن يتقدم قليلاً قدر ما لا يبلغه حَصَيَاتُ الرامين، ويقف مستقبل القبلةَ ويدعو وَيذْكُرُ الله تَعَالى طَوِيلاً بقدر قِرَاءَةِ


(١) تقدم.
(٢) أخرجه البخاري (١٧٤٧، ١٧٤٨، ١٧٤٩، ١٧٥٠) ومسلم (١٢٩٦).
(٣) قال النووي: هذا الذي في "التتمة" ليس بشيء، والصواب: ما تقدم. وأما جزم الرافعي، بأنه يستدبر القبلة يوم النحر، فهو وجه، قاله الشيخ أبو حامد وغيره. ولنا وجه: أنه يستقبلها. والصحيح: أنه يجعل القبلة على يساره، وعرفات على يمينه، ويستقبل الجمرة. فقد ثبتت فيه السنة الحديثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>