والأصح: أنّ له ذلك.
الثالثة: في أنه هل يجب القَضَاءُ على المُحْصر وهذه المسألة بشرحها مع المسائل الَّلائقة بها مجموعة في آخر الباب -إن شاء الله تعالى-.
قال الغزالي: الثَّانِي لَوْ حَبَسَ السُّلْطَانُ شَخْصًا أَوْ شِرْذَمَةً مِنَ الحَجِيجِ فَهُوَ كَالإحْصَارِ العَامِّ، وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلاَنِ، وَقِيلَ يَجُوزُ التَّحَلُّلُ وَالقَوْلاَنِ في وُجُوبِ القَضَاءِ.
قال الرافعي: قد تكلمنا في الحصر العام الذي يشمل الرفقة.
وأما الحصر الخَاصّ الذي يتفق لأحد أو شرذمة من الرّفْقَة فينظر فيه، إن لم يكن المحرم معذوراً فيه كما إذا حبس بسبب دين وهو متمكّن من أدائه فليس له التحلل بل عليه أن يؤديه ويمضي في حجه، فإن فاته الحَجُّ في الحبس فعليه أنْ يسير إلى مكة ويتحلل بعمل عمرة، وإن كان معذوراً فيه كما إذا حبسه السُّلْطَان ظُلْماً أو بِدَيْن وهو لا يتمكن من أدائه، وهذا هو المقصود في الكتاب، ففيه طريقان:
أحدهما: وهو ما أورده المَرَاوزة أن في جوازِ التَّحَلُّل به قولين:
أحدهما: لا يجوز كما في المرض وخطأ الطَّريق، وأصحهما: أنه يجوز؛ لأن الاحصار سبب يبيح التَّحَلل للكل فيبيح للبعض كإتمام الأعمال.
وأظهرهما وهو ما أورده العراقيون: القطع بالجواز كما في الحصر العام؛ لأن مشقة كل أحد لا تختلف بين يتحمل أن غيره مثلها أَوْ لا يتحمل، وهؤلاء ردوا الخلاف إلى أنه هل يجب القضاء إذا تحلَّلَ بالحَصْر الخَاصِّ؟ وسيأتي ذلك.
واعلم أَنَّ لَفْظَ الكتاب آخراً يتعرَّض لهاتين الطَّريقَتَيْن.
وقوله أولاً: "فهو كالإحصار العام"، يشعر بطريقة ثالثة تقطع بجواز التحلل وعدم القضاء كما في الإِحْصَار العَام ولم أَرَ نقلها لغيره -والله أعلم-.
قال الغزالي: الثَّالِثُ الرِّقُّ فللسيد مَنْعُ عَبْدِهِ إنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذنِهِ، وَإذَا مَنَعَ تَحَلَّلَ كَالمُحْصِرِ.
قال الرافعي: إحْرام العبد ينعقد سواء كان بإذن السَّيِّد أو دون إذنه ثم إن أحرم بإذنه لم يكن له تَحْليله سواء بقي نُسُكه صحيحاً أو أفسده، ولو باعه -والحالة هذه- من غيره لم يكن للمشتري تحليله لَكِنْ له الخِيَار إن كان جاهلاً بإحرامه، وإن أحرم بغير إذنه فالأولى أن يأذن له في إتمام النسك، ولو حلَّلَه جاز؛ لأن تقريره على الحج يعطل منافعه عليه.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: له تحليله سواء أحرم بإذنه أو بغير إذنه، وإذا أذن