أظهرهما: أَنَّ له ذلك كما له تحليل العَبْد إذا أحرم بغير إذنه.
والثاني: لا لنضيقه وخروجه عن احْتمال التَّرَاخي بالشروع.
وأما حجة التَّطوع فله أن يمنعها منها في الابتداء، وإن أحرمت بغير إذنه فطريقان: إن جوزنا التَّحليل في الفرض فهاهنا أولى وإنْ لم نجوز ثم فهاهنا قولان:
أحدهما: ليس له تحليلها، لالْتحاقها بالفرائض بالشروع.
وأصحهما: أن له التحليل كما له التَّحليل من صوم التطوع وصلاة التَّطوع، وإنما يصير الحج فرضاً بالشروع، إذا كان الشروع مسوغاً.
وقوله في الكتاب: (وكذا إِنْ أحرمت بالتَّطوع) أراد به أنَّ الخلاف في هذه المسألة، وفي تحليل المحرمة بالفرض كل واحد منهما مرتب على الخِلاَف في جواز منعها من حج الفرض ابتداء؛ لأن الترتيب كالترتيب، فإن مسألة التَّطوع أولى بالجواز والمسألة الأخرى أولى بالمنع.
وحيث قلنا بجواز التحليل، فمعناه الأمر بالتَّحَلُّل كما ذكرنا في العبد، وتحللها كتحلل الحُرِّ المحصر بلا فرق، فلو لم تتحلل فللزوج أن يستمتع بها، والإثم عليها، هكذا حكاه الإمام عن الصيدلاني ثم توقف فيه؛ لأن المحرمة لحقِّ الله تعالى كالمرتدة فيحتمل أن يمنع الزوج من الاستمتاع إلى أن تتحلل فرعان:
أحدهما: قال القاضي ابن كج: لو كانت مطلَّقة، فعليه حبسها للعدة، وليس لها التحلل إلا أن تكون رجعية، فيراجعها ويحللها.
الثاني: الأمة المزدوجة، لا يجوز لها الإحرام إلا بإذن الزوج والسَّيد جميعاً.
قال الغزالي: الخَامِسْ للأَبَوَيْنِ مَنْعُ الوَلَدَ مِنَ التَّطَوُّعِ بالْحَجِّ، وَمِنَ الفَرْضِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ.
قال الرافعي: من له أَبوان أو أحدهما، فالمستحب له أن لا يحج دون إذنهما أو إذنه، ولك واحد منهما منعه من حج التطوع في الابتداء؛ "لأَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في الْجِهَادِ فَقَالَ: أَلَكَ أبَوَانِ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: اسْتَأَذَنتَهُمَا فَقَالَ: لاَ قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ" (١).
اعتبر استئذانهما في الجهاد مع أنه من فروض الكفايات، فلأن يعتبر في التطوع كان ذلك أولى، ولو أحرم بها فهل لهما المنع؛ فيه قولان سبق نظيرهما وتوجيههما، وحكى القاضي ابن كَجٍّ وجهاً ضعيفاً: أنه ليس لهما المنع في الابتداء أيضاً، وأما حج
(١) أخرجه البخاري (٣٠٠٤، ٥٩٧٢) ومسلم (٢٥٤٩).