فللبائع أن يأتي ويغرم أرش القديم وما ذكرناه من إعلام المشتري البائع يكون على الفَوْر، حتى لو أخَّره من غير عذر بطل حقُّه من الرَّد والأَرْش، إلاَّ أنْ يكون العيب الحادث قريب الزوال غالباً كالرَّمد والحُمَّى، فلا يعتبر الفور في الإِعْلاَم على أحد القولين، بل له انتظار زواله ليرده سليماً عن العيب الحادث من غير أَرْش، ومهما زال الشَّيء الحادث بعد ما أخذ المشتري أَرْش العيب القديم، فهل له الفسخ ورد الأرش؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، وأخذ الأَرْش إسقاط للرد.
والثاني: نعم، والأَرْش للحيلولة ولو لم يأخذه ولكن قضى القاضي بثبوته، فوجهان بالترتيب، وأولى بجواز الفسخ.
ولو تراضيا ولا قضاء فَوَجْهَان بالترتيب وأولى بالفسخ، وهو الأصح في هذه الصورة، وأما بعد الأخذ فالأصح المنع، وكذا بعد الحكم عند صاحب "التهذيب".
ولو عرف العيب القديم بعد زوال الحادث رد.
وفيه وجه ضعيف، ولو زال العيب القديم قبل أخذ أَرْشِه لم يأخذه، وإن زال بعد أخذه ورده، ومنهم من جعله على وجهين، كما لو ثبت سنّ المجنيِّ عليه بعد أخذ الدِّيَة، هل يرد الدِّيَة؟. واعلم: أن كل ما يثبت الرَّد على البائع لو كان في يده يمنع الرد إذا حدث في يد المشتري، وما لا رَدَّ به على البائع لا يمنع الرَّد، إذا حدث في يد المُشْتري، إلاَّ في الأقل، فلو خمس العبد ثم عرف عيبًا قديمًا فلا رَدَّ وإن زادت قيمته، ولو نسي القرآن أو الحرفة ثم عرف به عيباً، فلا رد لِنُقْصَان القيمة، ولو زوجها ثم عرف بها عيباً فكذلك، قال الرُّوْيَاني: إلاَّ أن يقول الزوج: إن ردّك المشتري بعيب فأنت طالق، إن كان ذلك قبل الدخول فله الرد لزوال المانع بالرد.
ولو عرف عيب الجارية المشتراة من ابنه أو أبيه بعد ما وطئها وهي ثيب، فله الرد وإنْ حرمت على البائع؛ لأن القيمة لا تنقص بذلك، وكذا لو كانت الجَارِيَة رضيعة، فأرضعتها أُم البائع أو ابنته في يد المشتري ثم عرف بها عيباً، وإقرار الرقيق على نفسه في يد المشتري بدَيْن المعاملة، أو بدَيْن الإتلاف مع تكذيب المولى، لا يمنع من الرد بالعيب القديم، وإن صدقه المولى على دَيْن الإتْلاَف منع، فإن عفا المقرّ له بعد ما أخذ المشتري الأَرْش، هل له الفسخ ورد الأرش؟
فيه وجهان جاريان فيما إذا أخذ الأَرْش لرهنه أو كتابته العبد، أو إباقه أو غصبه، ونحوها إن مكَّناه من ذلك ثم زال المانع من الرد.