وكان تعيُّبه بالاختيار قطعاً للخيار، وفيه احتمال للإمام، ولو ردها مع النَّعْل أجبر البائع على القبول، وليس للمشتري طلب قيمة النَّعل، فإنه حقير في معرض رد الدَّابة، ثم ترك النَّعْل من المشتري [هل هو] تمليك، حتى يكون للبائع لو سقط أو إعراض حتى يكون لِلْمُشْتري؟ فيه وجهان: أشبههما: الثاني.
الثانية: لو صَبَغَ الثَّوب بما زاد في قيمته ثم عرف عيبه، فإن رضي بالرَّدِّ من غير أن يطالب بشيء، فعلى البَائِعِ قبوله ويصير الصّبْغ مِلْكاً له، فإنه صفة الثَّوْب لا تزايله وليس كالنَّعْل، هذا لفظ إمام الحرمين قال: ولا صائر إلى أنه يرد الثوب ويبقى شريكًا بالصّبغ، كما يكون مثله في المغصوب، ولاحتمال يتطرق إليه، وإن أراد الرَّدَّ وأخذ قيمة الصّبْغ، ففي وجوب الإجابة على البائع وجهان:
أظهرهما: لا تجب لكن يأخذ المشتري الأَرْش. ولو طلب المشتري أَرْش العيب، وقال البائع: رد الثوب لأغرم لك قيمة الصبغ ففيمن يجاب منهما؟ وجهان:
الَّذِي أورده ابن الصَّبَّاغ والمَتَوَلِّي: أنَّ المُجَاب البدع، ولا أرش للمشتري.
ولما حكى الإمام الخلاف في الطَّرفين ذكر أن الصّبْغ الزائد قد جرى مجرى أَرْش العيب الحادث في طرفي المطالبة، ومعناه: أنه إذا قال البائع: رد مع الإرْش، وقال المشتري: بل أمسك وآخذ الأرش، ففيمن يجاب؟ وجهان.
وكذا إذا قال المشتري: أردّه مع الأرش، وقال البائع بل أَغْرم الأرش، وهذا ظاهر للمتأمل في الوجوه الثلاثة المذكورة هناك، إذا أفرد أحد الجانبين بالنظر، ووجه المشابهة بين الصَّبْغ الزَّائد وأَرْش العيب الحادث ما أشار إليه صاحب الكتاب، وهو أن إدخال الصّبْغ في ملك البائع مع أنه دخيل في العقد كإدخال الأَرْش الدخيل، ثم ظاهر لفظ الكتاب يقتضي عود الوجوه الثلاثة هاهنا حتى يقال: المجاب منهما في وجه من يدعو إلى فضل الأمر بالأَرْش القديم، وقد صرح به في "الوسيط"، ولكن رواية الوجه الثَّالث لا تكاد توجد لغيره، وبتقدير ثبوته فقد بيّنا، ثم إن الأصح: الوجه الثالث، وهاهنا قضية إيراد الأئمة: أنه لا يجاب المشتري، إذا طلب الأَرْش كما مر.
وقوله:"فطلب قيمة الصَّبْغ له وجه" المعنى الذي ينبغي أن تنزل عليه هذه الكلمة أن طلب قيمة الصبغ ليس كطلب قيمة النَّعل، فإن النَّعْل تابع بالإضافة إلى الدَّابة حقير والصَّبْغ بخلافه، فإن هذا الطلب متجه وذاك مستنكر. ولو قصر الثوب ثم وقف على العيب، فيبنى على أنَّ القَصَارة عين أو أثر؟ إن قلنا بالأول، فهي كالصبغ. وإن قلنا بالثاني رد الثوب ولا شيء له، كالزيادات المُتَّصلة، وعلى هذا فقس نظائره، -والله أعلم-.