للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في التتمة خلافاً في الأولى التقديم، أو التأخير على ما سنحكي نظيره في الحالة الثانية، ذلك أن تعلم قوله: "قولاً واحداً" بالواو إشارة إلى هذا الخلاف.

وإن لم يتيقن وجود الماء في آخر الوقت، ولكن رجاه فقولان:

أصحهما: التعجيل في أول الوقت بالتيمم أفضل (١) لأَنَّهُ سُئِلَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ فَقَالَ: "الصَّلاة فِي أوَّلِ وَقْتِهَا" (٢)، ولم يفرق بين أن يكون بالوضوء، أو بالتيمم؛ ولأن فضيلة الأولويَّة نَاجِزَةٌ، وهي تفوت بالتأخير يقيناً، وَفَضِيلَةُ الوضوء غير معلومة الحصول، فَصَيَانَةُ النَّاجِزِ (٣) عن يقين الفوات أولى من المُحَافَظَةِ على أمر موهوم.

والثاني: وبه قال أبو حنيفة أن التأخير أفضل؛ لأن الإيراد بالظهر، وتأخيرها عند شدة الحَرِّ مأمور به، كي لا يختل معنى الخشوع، فالتأخير لإدراك الوضوء أولى أن يؤمر به. واحتج في "الوسيط" للقول الأول بأن تَعْجِيلَ الصَّلاة منفرداً أفضل من تأخيره لحيازة الجماعة، وكذلك فعل إمام الحَرَمَيْنِ، لكن أبا علي الطَّبَرِي ذكر في "الإِفْصَاحِ" أن التأخير لِحِيَازَةِ الجماعة أفضل، واحتج به للقول الثاني، وتوسط آخرون فجعلوا المسألة على وجهين مبنيين على القولين في المسألة التي نحن فيها (٤) ثم لا يخفى أن موضع القولين ما إذا اقتصر على صلاة واحدة، أما إذا صلى بالتيمم في أول الوقت وبالوضوء في آخره فهو النهاية في إِحْرَازِ الفضيلة.


(١) سقط في "ط".
(٢) أخرجه بلفظه الدارقطني (١/ ٢٤٦) وابن خزيمة (٣٢٧) وابن حبان (١٤٦٦) والحاكم (١/ ١٨٨) والبيهقي (١/ ٤٣٤) من رواية عبد الله بن مسعود، وقال الحاكم والبيهقي في خلافياته صحيح على شرط الشيخين، قال ابن الملقن: قلت هو في الصحيحين، لكن بلفظ سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال الصلاة لوقتها، البخاري (٥٢٧) ومسلم (٨٥) انظر خلاصة البدر المنير (١/ ٦٧).
(٣) في "ب" التأخير.
(٤) قال النووي: قطع معظم العراقيين بأن التأخير للجماعة أفضل، ومعظم الخراسانيين بأن التقديم منفرداً أفضل، وقال جماعة: هو كالتيمم فإن تيقن الجماعة آخر الوقت فالتأخير أفضل، وإن ظن عدمها فالتقديم أفضل، وإن رجاها فقولان، وينبغي أن يتوسط فيقال إن فحش التأخير فالتقديم أفضل، وإن خف فالتأخير أفضل، وموضع الخلاف إذا اقتصر على صلاة، فأما إذا صلى أول الوقت منفرداً وأخره مع الجماعة فهو النهاية في الفضيلة، وقد جاء به الحديث في صحيح مسلم وغيره. قال صاحب "البيان": قال أصحابنا: والقولان في التيمم يجريان في مريض عجز عن القيام، ورجاه آخر الوقت، أو رجا العريان السترة آخره، هل الأفضل تقديم الصلاة على حالهما أم التأخير؟ قال ولا يترك الترخيص بالقصر في السفر، وإن علم إقامته آخر الوقت بلا خلاف، قال: قال صاحب (الفروع) إن خاف فوت الجماعة لو أكمل الوضوء فإدراكها أولى من الانحباس لإكماله، وفي هذا نظر -والله أعلم- الروضة (١/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>