للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ" (١)، ومن لم يستوعب صح أن يقال ما مسح وجهه، إنما مسح بعض الوجه، وأيضاً فإنه عضو وهو محل الفرض في الطَّهَارتين يجب استيعابه في الوضوء، فيجب في التَّيمم، ولا يجب إيصال التراب إلى مَنَابتِ الشُّعور خفيفة كانت، أو كثيفة، عامة كانت أو نادرة، كِلِحْيَةِ المرأة؛ لأن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ" (٢)، وَبالضَّربة الواحدة لا يصل التراب إلى مَنَابِتِ الشّعور.

وفيه وجه أنه يجب إيصال التُّراب إلى ما تحت الشعور [التي يجب إيصال الماء إليها، إعطاء للبدل حكم الأصل، والفرق ظاهر لِعُسْرِ إيصال التراب إلى منابت الشعور] (٣) وهل يجب مسح ظاهر المسترسل من اللّحية الخارج عن حد الوجه؟ فيه قولان، كما في الوضوء.

قال الغزالي: (السَّادِسُ) مَسْحُ اليَدَيْنِ اِلَى المِرْفَقَيْنِ (م) فَيَضْرِبُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً لِوَجْهِهِ وَلاَ يَنْزعُ خَاتَمَهُ وَلاَ يُفَرِّجُ أَصَابِعَهُ وَيَنْزغُ وَيُفَرِّجُ فِي الضَّرَبةِ الثَّانِيَةِ وَيمْسَحَ اِلَى المِرْفَقَيْنِ وَلاَ يُغْفِلُ شَيْئاً.

قال الرافعي: يجب استيعاب اليدين إلى المِرْفَقَيْنِ وبالمسح في التَّيمم، كما يجب الاستيعاب بالغسل في الوضوء لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم-: "تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ" (٤) والذِّراع اسم لِلسَّاعد إلى المرفق وروى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ، ضَربَةٌ لِلْوَجْهِ،


(١) تقدم.
(٢) هذا والحديث الآتي من حديث ابن عمر، رواه أبو داود بسند ضعيف، ولفظه: مر رجل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في سكة من السكك، وقد خرج من غائط أو بول، فسلم عليه فلم يرد عليه حتى كاد الرجل يتوارى في السكك، فضرب بيده على الحائط ومسح بها وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام، الحديث. زاد أحمد بن عبيد الصفار في مسنده من هذا الوجه، فمسح ذراعيه إلى المرفقين، ومداره على محمد بن ثابت، وقد ضعفه ابن معين وأبو حاتم والبخاري وأحمد، وقال أحمد والبخاري: ينكر عليه حديث التيمم، يعني هذا، زاد البخاري: خالفه أيوب وعبيد الله والناس، فقالوا: عن نافع عن ابن عمر فعله. وقال أبو داود: لم يتابع أحد محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وروه عن فعل ابن عمر، وقال الخطابي: لا يصح لأن محمد بن ثابت ضعيف جداً، قلت: لو كان محمد بن ثابت حافظاً ما ضره وقف من وقفه على طريقة أهل الفقه -والله أعلم-. وقد قال البيهقي: رفع هذا الحديث غير منكر؛ لأنه رواه الضحاك بن عثمان، عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً إلا أنه لم يذكر التّيمم، ورواه ابن الهاد عن نافع فذكره بتمامه، إلا أنه قال: مسح وجهه ويديه، والذي تفرد به محمد بن ثابت في هذا، ذكر الذراعين. انظر التلخيص (١/ ١٥١).
(٣) سقط في ب.
(٤) انظر التخريج السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>