للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: لاَ يَبْقى الحَقُ فِيْهِ، فإِنْ قُلْنَا: الجِدَارُ كأَحَدِ العَبْدَيْنِ أَخَذَ البَاقِي بِحِصَّتِه، وَإِنْ قُلْنَا: كَأَطْرَافِ العَبْدِ فَقَولاَنِ، إِذْ يبْعُدُ أَنْ يَفُوزَ المُشْتَرِي بِشْيءٍ مَجَّاناً.

قال الرافعي: الفَصْل يتعلّق بأصلين:

أحدهما: أن المنقول لا شفعة فيه، وإذا ضم إلى شقص، وبيعا صفقة واحدة أخذ الشقص بحصّته، والعهد قريب بهذا الأصل.

والثَّاني: أن الخلاف في أن السقف والجدران من الدار المبيعة أحد العبدين المبيعين، أو كطرف من أطراف العبد المبيع، أو صفة من صفاته، وهذا قد ذكرناه في النظر الثالث من كتاب البيع.

إذا عرفت ذلك، فإذا اشترى شِقْصاً من دار، ثم نقضت الدَّار، فلها أحوال:

أحدها: إن بيعت من غير تلف شيء منها، ولا انفصال بعضها من بعض، بأن شق جدار، أو مالت أسْطُوَانَة، أو انكسر جذع، أو اضطرب سقف، فالشفيع بالخيار بين الأخذ بكل الثمن، وبين الترك، ويكون تعيبه في يد المشتري، كتعيب المبيع في يد البائع فإنه يخير المشتري بين الأخذ بجميع الثمن، وبين الفسخ.

والثَّانية: أن يتلف بعضها فينظر إن تلف شيء من العَرْصَة بأن غشيها السَّيْلُ فغرقها، أخذ الباقي بحصته من الثمن، وإن بقيت العرصة بتمامها، وتلفت السُقُوف والجدران باحتراق وغيره.

فإن قلنا: إن الأبنية كأحد العبدين المبيعين أخذ العَرْصة بِحِصَّتِهَا من الثمن وهو الأصح وبه قال أَحْمَدُ وماَلِكٍ.

وإن قلنا: إنها كأطراف العبد وصفاته أخذها بكل الثمن، وفرق بعضهم بين أن يكون التلف بآفة سماوية، فيأخذها بجميع الثمن، أو بإتلاف متلفٍ فيأخذها بالحصَّة، لأن المشتري يحصل له بدل التالف، فلا يتضرر، وبهذا قال أَبُو حَنِيْفَةَ.

والثالث: إلاَّ يتلف شيء منها، ولكن ينفصل بعضها عن بعض بالانهدام، وسقوط الجدران فهل يأخذ الشفيع النقض فيه قولان: ويقال: وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه منقول، كما لو كان في الابتداء كذلك، وأدخل النقض في البيع لا يؤخذ بالشفعة.

والثاني: نعم، قال في "الشامل": وهو اختيار أبي إسحاق وشيوخنا المتأخرين؛ لأن منقوليته عرضت بعد البيع، وتعلق حق الشفيع به، والاعتبار بحال جَرَيانِ العقد، ولهذا لو اشترى داراً، فانهدمت يكون النقض والعَرْصَة للمشتري، وإن كان النقض لا

<<  <  ج: ص:  >  >>