قال الأصحاب يكريه نصف أرضه بنصف منافع العامل، ومنافع الآته المصروفة إلى الزراعة، فهذه ثلاثة طرق:
والثالث: أحوطها وإن كان البذر لأحدهما خاصة فإن كان لصاحب الأرض أقرض نصف البذر من العامل، واكنزي منه نصف الأرض بنصف عليه، ونصف منافع الآلات، وحينئذ لا شيء لأحدهما على الآخر إلاَّ ردِّ العوض وإن شاء استأجر العامل بنصف البذر، ونصف منفعة تلك الأرض ليزرع له النصف الآخر، وأعار منه نصف الأرض، وإِن شاء استأجر بنصف البذر ونصف منفعته تلك الأرض ليزرع ما يبقى من ذلك البذر في تلك الأرض، وإِن كان البذر للعامل، فإن شاء أقرض نصف البذر من صاحب الأرض، واكترى منه نصف الأرض بنصف عمله، ومنافع الآلات، وإن شاء اكترى نصف الأرض بنصف البذر، ويتبرع بعمله، ومنافع الآلات، وإن شاء اكترى منه نصف الأرض بنصف البذر، ونصف عمله، ونصف منافع الآلات، ولا بد في هذه الإجارات من رعاية الشرائط كرؤية الأرض والآلات، وتقدير المدة وغيرها، هذا إذا أفردت الأرض بالعقد.
أما إذا كان بين النخيل بَيَاضٌ تجوز المزارعة عليه مع المُسَاقاة على النخيل، وعلى ذلك يحمل ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- (سَاقَى أَهْلَ خَيْبرَ عَلَى نِصْفِ التَّمْرِ وَالزَّرْعِ)(١).
وسببه الحاجة لعسر الإفراد، ومداخلة البستان، وشرط فيه اتحاد العامل، فلا يجوز أن يساقي واحداً، ويزارع آخر؛ لأن غرض الاستقلال لا يحصل، ويثترط أيضاً تعذر إفراد النخيل بالسقى، وإفراد البياض بالعمل لانتفاع النخيل بسقيه وتغليته، فإن أمكن الإفراد لم تجز المزارعة على البَيَاض. واختلفوا في اعتبار أمور أخر:
أحدها: اتحاد الصفقة، واعلم أن لفظ المُعَامَلةُ يشمل المُسَاقَاة والمزارعة، فلو قال: عاملتك على هذه النخيل، والبياض بينهما بالنصف كفى.
وأما لفظ المساقاة والمزارعة، فلا يغني أحدهما عن الآخر بل، يساقى على النخيل، ويزارع على البياض وحينئذ، فإن قدم المساقاة نظر إن أتى بها على الاتصال، فقد اتحدت الصفقة، وتحقق الشرط، وإن فصل بينهما، ففي وجه تصح المزارعة لحصولهما لشخص واحد.
والأصح: المنع؛ لأنها تتبع، ولا يجوز إفرادها، كما لو زارع مع غير عامل المساقاة، كان قدم المزارعة فسدت، فإن التابع لا يتقدم على المتبوع، كما لو باع