أَبِي حَنيْفَةَ في منع إجارة الوقف أكثر من ثلاث سنين في عقد واحد.
وفي "آمالي" أَبِي الفَرجِ السَّرْخَسِيِّ أن المذهب منع إجارة الوقف أكثر من سنة واحدة إذا لم تمس إليها الحاجة لعمارة وغيرها وهو قريب.
المسألة الثانية: إنْ جوزنا الإجارة أكثر من سنة، فهل يجب تقدير حصَّة كل سنة؟ قولان:
أصحهما: لا كما لو باع أعياناً صفقة واحدة لا يجب تقدير حِصَّة كل عين منها، وكما لو أَجَّرَ سنة لا يجب تقدير حِصّة كل شهر.
والثاني: ويحكى عن رواية الربيع، وحرملة، والمزني في "الجامع الكبير"، نعم؛ لأن المنافع تتفاوت قيمها بالسنين، وربما تهلك العين في المدة، فيتنازعان في قدر الواجب من الأجرة، ومن قال بالاول يوزع الأجرة المُسَمَّاة على قيمة منافع السنين، فينقطع النزاع، وبنى القولين بعضهم على القولين فيما إذا أسلم في شيئين، أو في شيء إلى أجلين، ففي قول يجوز أخذاً بظاهر السلامة (١)، وفي قول: لا لما عساه أن يقع من الجهالة بالأجرة، ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب:"فالأصح الجواز" -بالواو- لأن القاضي أبَا القَاسِمِ بْنَ كَجٍّ حكى طريقة أخرى قاطعة بإنه لا يجب التقدير، واختارها مذهباً.
الثالثة: قول العاقد أجرتك شهراً أو سنة فحمول على ما يتصل بالعقد في أظهر الوجهين. وبه قال أبو حنيفة؛ لأنه المفهوم المتعارف.
والثاني: وبه قال أحمد: لا بد وأن يقول: من الآن وإلاَّ فهو كقوله: بعتك عبداً من العبيد، ولو قال: أجرتك شهراً من السنة.
قال الإمام: يفسد العقد بلا خلاف للإبهام، واختلاف الأغراض.
وإذا قال: أَجَّرْتُكَ هذه الدار كل شهر بدرهم من الآن لم تصح الإجارة؛ لأنه لم يبين لها مدة. وعن "الإملاء" أن تصح في الشهر الأول؛ لأنه معلوم، والزيادة مجهولة، وبه قال الإصطخري.
ولو قال: أجرتك كل شهر من هذه السنة بدرهم لم يصح.
وعن ابن سريج أنه يصح في شهر واحد دون ما زاد، ورجحوا الأول واحتجوا له بأنه لم يضف الإجارة إلى جميع السنة. وفي "النهاية" أن الأئمة بمثله أجابوا فيما إذا قال: بعتك كل صاع من هذه الصُّبْرة بدرهم، وقالوا: إنه لم يضف البيع إلى جميع