للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَكَسَ الإمَامُ، فقال: الخلافُ في جوازِ بيع المُسْتَأْجر مأخوذٌ من جواز الاستثناءِ، وكأنَّهُ أراد نُزُوع المسألتَيْنِ إلَى أصلٍ واحدٍ، وإِلاَّ، فالظَّاهر الأوَّل وبالله التَّوفيق وكما افتتحنا [كتاب الإجارة] (١) بمقدمات -فإنَّا [نختم كتابَ الإجارة] (٢) بمؤخِّرات:

إحداها: في مَسَائِلَ، هي من شَرْط الباب الأَوَّلِ.

لو قال: ألزمت ذمتك نسج ثوْب صفَتُه كذا على أنْ تنسجه بنَفْسِك، لم يصحَّ؛ لأنَّ في هذا التعْيِين غررًا فإنَّه ربَّما يمُوتُ، ولهذا لم يجُزْ تعيينُ ما يؤدي منه (٣) المسلم فيه، ويجوز أن يستأجر الأرْض بما يستأْجِر به العَبْد والثَّوْب، ولا فرْقَ بيْن الطعام وما ينبت في الأرض، إذا عيَّن، أو وصَفَ، وبين غيرها.

وعنْ مالكٍ: أنه لا يجوز استئجارُ الأرْضِ بالطَّعام وإنْ لم يكن مما ينبُتُ من الأرض، كاللَّحْم، والعَسَل ولا بما ينْبُت من الأرض، وإنْ لم يكن طعاماً؛ كالقطن.

وإذا استَأْجَرَ دابَّة؛ ليركبها إلى بلدة كذا بعَشَرة دنانير، فالواجِبُ نقْدُ بلد العقد.

وعن أبي حنيفة رضي الله عنه أن الواجب نقْدُ البَلَدِ المقصُودِ فلو كانَتْ الإجارةُ فاسدةً، فالاعتبار في أجرةِ المِثْل بموْضِع إتلافِ المنفعة، نقْدًا أو وزناً.

ويجوز إجارة المصْحَفِ والكتُبِ لمطالَعَتِها (٤) والقراءة فيها خلافاً لأبي حنيفة.

ولا يجوز أن يسْتأجر برَكَةً ليأخذ منها السَّمَك، فإنه كاستئجار الأشْجار للثِّمار، ولو استأْجَرَها لِيَحْبِسَ فيها الماء حتَّى يجتمع فيها السمك جاز.

وفيه وجه آخر أيضاً، ويصحُّ من المستأجر إجارةُ ما استأجرهُ بعْد القبْض، سواءٌ أجَّر بمثل ما استأجَرَ أو أقَلَّ، أو أكثر.

وعند أبي حنيفةَ: إنْ أجَّره بأكثر ممَّا استأجر، لم يطلب له الربْحُ، وسبيلُه أن يتصدَّق به إلا أن يحدث فيه عمارة، فيقع ذلك في مقابلة الرِّبْح.

لنا،: القياسُ علَى ما إذا باع بأكثرَ ممَّا اشتراه يطيب له الربْحُ.

وفي إجارته قبْلَ القَبْض وجهان عن ابن سُرَيْج تجويزه؛ لأن القبض لا يوجبُ دُخُول المنَافِعِ في ضمانة، فلا معْنى لتوقيف العَقْد عليه، والأظهر: المنع، وعلَى هذا؛


(١) في ز: الكتاب.
(٢) في ب: نختمها.
(٣) في ب: به.
(٤) قال في الخادم: المراد بالكتب الكتب التي يجوز بيعها المنتفع بها شرعاً؛ ليخرج كتب السحر ونحوها مما يَحْرُمُ النظر فيها، قال: وكذلك سيرة عنتر والبطال وغيرها من الأكاذيب المزخرفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>