للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَدِلاَءِ المُسْلِمِينَ (١).

ومن منعَ، قال: ليس ذلك على سبيل الاشتِرَاط، ولكنه أخبر أنَّه للواقف أن ينتفع بالأوْقَاف العامَّة؛ كالصلاة في البقعة التي يجعلها مسْجِدَاً، وما أشبه ذلك.

ولو استَبْقَى الواقِفُ القولية لنَفْسِه، وشرط أجرةً، وفرَّعنا على أنَّهُ لا يجوز أن يقِفَ على نفسه، ففي صحَّة هذا الشَّرْط وجهان مبنيَّان على أنَّ الهاشِمِيَّ، إذا انتصب عاملاً للزَّكاة، هلْ له أن يأخُذَ من سَهْم العامِلِينَ (٢)؟ ولو وقَف على الفقراءِ، ثم صار فقيراً، ففي جواز الأَخْذ وجهان مع المَنْع من أن يقف عَلَى نفْسه؛ لأنَّه لم يقْصد نفْسَه، وإنَّما وجدت فيه الجهَةُ الَّتي وقف عليها، ويُشْبه أن يكونَ هذا أظهَر، لكن المصنِّفَ رجَّح المنعَ في "الوسيط"، ووجَّهه بأن الظاهرَ أنَّ مطْلَقَ الوقْف ينصرفُ إلى غير الواقف. وقوله في الكتاب: "فيجوز الوقْفُ عَلَى الكافر الذمِّيِّ، وعلى المرتدِّ والحربِّي [فيه] خلاف هكذا هو الصوابُ، وقد يوجد في بعض النسخُ "على الكافرِ الذمِّيِّ والمرتدِّ والحربي خلافٌ" وهو غلط.

وقوله "ولا على العَبْدِ في نفْسِهِ" -يجوز أن يُعْلَمَ بالواو، لما سبق وقوله "ولا يجوز الوقْف عَلَى نَفْسِهِ" بالألف والميم أيضاً؛ لأنَّ أبَا الفرج السَّرْخَسِيَّ حَكَى عن مالكٍ مِثْلَ مذْهب أحمد، وقيل: إنَّ مذهبَه الجوازُ في اليسير دون الكَثير.

وقوله: "إذ لا يتجدد له إِلاَّ مَنْع التصرُّف" أراد به أنَّ مقتَضَىَ الوقْف، حبس الرقبة، وتمليكُ المنْفَعَة، والرقَبَةُ محْبُوسَةٌ علَيْه، والمنفعةُ مملوكةٌ له، فلا يحْدُث شيء سِوَى امتناعِ التصرُّفات التي يمنعها الوَقْف.

وقوله: "ففي شركته خلافٌ" -أي في شركته إيَّاهم في جواز الأخْذ، وليس المرادُ الشَّرِكَةَ في الموْقُوف؛ لأنَّ استيعابَ الفقراء غير واجب.

هذا تمامُ الكلامِ في الوقْف على المعيَّن.

ولو قال لرجلَيْن: وقفْتُ عَلَى أحدِكما، لم يصحَّ، وفيه احتمالٌ عن الشيخ أبي محمَّد إذا فرَّعنا على أن الوقْفَ لا يفتقر إلى القَبُول.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ كَانَ الوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالمَسَاكِينِ وَالفُقَرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ قُرْبَةٌ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةٌ كَالوَقْفِ عَلَى عِمَارَةَ البَيْعِ وَالكَنَائِسِ وَكَتَبَةِ التَّوْرَاةِ وَنَفقَةِ قُطَّاعِ


(١) رواه الترمذي (٣٧٠٤) من حديثه والنسائي (٦/ ٢٣٥)، والبخاري (٥/ ٤٠٦ - ٤٠٧) تعليقاً.
(٢) قال النووي: الأرجح هنا جوازه. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح ويتقيد ذلك بأجرة المثل، ولا يجوز الزيادة إلا من أجاز الوقف على نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>