ومثال: ما إذا انفصل، رأت يوماً دماً، ويومًا نقاء وجاوز، فهذه ترى الدم في الخامس عشر، وتكون نقية في السّادس عشر، فعنده جميع الخمسة عشر حيض - على قول السحب، وما فيها من الدماء على قول اللقط، وما جاوز الخمسة عشر استحاضة.
وبه قال أبو بكر المحمودي، وغيره والمذهب الأول.
ثم جعل صاحب الكتاب المستحاضات في هذا الباب أربعاَ:
إحداهن: الناسية، وفي غير ذات التَّلفيق ذكر أَرْبعًا دون النَّاسية، وليس ذلك لاختلاف عددهن بالتقطع وعدم التقطع، لكن حذف ذكر المعتادة المميزة هاهنا، لأن الوقوف على حكمها سهل المأخذ من حيث إن الكلام في أن أي المعنيين، يرجع من العادة والتَّمييز. وقد سبق في غير ذات التَّلفيق، ولا فرق فيه بين حالة التّقطع، وعدم التقطع، وإذا رجحنا أحد المعنيين، فهي كالمنفردة بتلك الصفة.
المستحاضة الأولى المعتادة الحافظة لعادتها، وعادتها السّابقة على ضربين:
أحدهما: وهو الذي ذكر مثاله في الكتاب العادة التي لا تقطع فيها، فكل عادة تود إليها عند الإطباق والمجاوزة تردّ إليها عند التّقطع والمجاوزة، ثم على قول السحب كل دم يقع في أيام العادة، وكل نقاء يتخلّل بين دمين فيها حيض، وأما النّقاء الذي لا يتخلّل بين دمين فيها لا يكون حيضًا، وأيام العادة هاهنا بمثابة الخمسة عشر عند عدم المجاوزة، فلا معدل عنها وعلى قول التَّلفيق أزمنة النَّقاء طهر، وفيما يجعل حيضًا لها وجهان:
أظهرهما: أن قدر عادتها [من الدماء الواقعة في الخمسة عشر حيض لها، فإن لم تبلغ الدّماء في الخمسة عشر قدر عادتها](١) جعل الموجود حيضًا ووجهه أن المعتادة عند الإطباق مردودة إلى قدر عادتها، وقد أمكن ردها هنا إلى قدر العادة فيصار إليه.
والثاني: أن حيضها ما يقع من الدماء في أيام العادة لا غير، لأن حكم الحيض عند الإطباق إنما يثبت للدماء الموجودة في أيام العادة، فكذلك هاهنا.
مثاله: كانت تحيض خمسة على التّوالي من كل ثلاثين؛ فجاءها دور تقطع فيه الدم والنّقاء يوماً ويوماً وجاوز الخمسة عشر، فعلى قول السحب نحيضها خمسة من أول الدور، وما فيها من النّقاء مُحْتَوِش بالدم في أيّام العادة فينسحب عليه حكم الحيض، وعلى قول التّلفيق وجهان:
أظهرهما: أن حيضها الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع وتجاوز أيام العادة محافظة على القدر.