للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقدر على الردِّ عليه، وفيما إِذا لم يجِدْ أحدهما: أنَّه لا يضمن، أما إذا كان المالِكُ حاضرًا؛ فلأنَّ أمانة القاضي أظْهَرُ منَ أمانة المودَع، فكأنه جعل الوديعةَ في موضِع أحرز، وأما إذا كان غائباً؛ فلأنه لو كان حاضراً، لأَلزمه المودِعُ الرَّدَّ، فإِذا كان غائباً، ناب القاضي عنه.

وأظهرهما عند الأكثرين: أنَّه يضمن، أما إذا كان المالكُ حاضرًا فلأنه [لا ولاية للقاضي على الحاضر الرَّشِيدِ، فأشبه سائر الناس، وأما إذا كان غائباً؛ فإنه] (١) لا ضرورة بالمودع إلى إخراجها من يده، ولم يرض المالك بيد غيره، فليحفظه إلى أن يجد المالك أو يسنح له عذر، وإذا جوزنا الدفْعَ إِلى القاضي، فهل يجبُ على القاضي القبولُ، إذا عرفها عليه أما إذا كان المالكُ حاضَراً، والتسليم إليه متيسِّراً، فلا وجه لوجوبه عليه، وأما إذا لم يكنْ كذلك، ففي إِيجاب القَبُول، وجهان:

أحدهما: المنع؛ لأنَّه التزمَ حفْظَه، فيؤْمَرُ بالوفاء به.

وأظهرهما: الإيجابُ لأنه نائبُ الغائبين، ولو كان المالك حاضرًا، لألزم القَبُول، والغاصب إذا حمل المغصوبَ إلى القاضِي، ففي وجوب القَبُول الوجهان، لكنَّ هذه الصورةَ أوْلَى بعدم الوجوب؛ ليبقى مضموناً للمالك، ومن علَيْهِ الدَّيْن، إذا حمله إليه نظر إن كان بحيث لا يجبُ على رب الدين القبولُ، لو كان حاضراً، فعلى القاضِي أَوْلَى، وحيثُ يجبُ، يجري فيه الوجهَانِ، وهذه الصورةُ أَوْلَى بعدَمِ الوجوب، وهو الأظهر؛ لأنَّ الدَّيْن في الذمَّة لا يتعرَّض للتَّلَف، وإذا تعين تعرض له، ولأن مَنْ في يدِهِ العَيْنُ قد يثقل عليه حفظُهَا وجميع ما ذكرنا فيما إذا استحْفَظَ الغَيْر وأزال يده ونظره عن الوديعة، أما إذا استعانَ به في حَمْلِهَا إلى الحرز، فلا بأْس، كما لو استعان في سقي البهيمة وعِلَفَها ذكره ابن سُرَيْجٍ، وتابعه الأصحاب عليه.

قال القَفَّال: وكذا لو كانتْ خزانَتُهُ وخزانةُ ابنه واحدةً، فدفعها إِلَى ابنه؛ ليضعها في الخزانة المشتركة.

وفي "النهاية": أن المودَعَ، إِذا أراد الخروجَ لحاجاته فاستحفظ من يشق به مِنْ متصليه، وكان يلاحظ المَخْزَنَ في عوداته، فلا بأس، وإن فوض الحِفْظ إِلى بعضِهِمْ، ولم يلاحظِ الوديعةَ أصلاً، ففيه تردد، وإن كان المَخْزَنُ خارجاً عن دارِهِ التي يأوي إليها، وكان لا يلاحِظُه أصلاً، فالظاهر تضمينه.

الحالةُ الثانيةُ: إذا كان هناك عُذْر، كما إِذا عزم على السَّفَر، فينبغي للمودع، إذا


(١) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>