للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند التَّلَفُّظِ، فالشَّرْطُ أن يقبل في مجلس بلوغ الخبر، وَأَنْ يَقَع الْقُبُولُ بمحضر شاهدي الإِيجاب (١) فإن حضر غيرهما لم يصح.

فَرْعٌ: قال القاضي الرُّويَانِيُّ: إذا استخلف القاضي فقيهاً في تزويج امرأة لم يَكْفِ الكتاب، بل لا بدّ من اللفظ.

وفي "المجرد" للحَنَّاطِيِّ: أنه على وجهين وهل للمكتوب إليه اعتماد الخطِّ الظاهر المنع (٢). وفيه وَجْهٌ متفرع من الخلاف في جواز الاعتماد على منشور تولية القاضي.

المسألة الثانية: إذا قال: زوجني -فقال الولي: زوجتك فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ بعده: قبلت- فلا كلام في صحة النكاح، وإن لم يقل فالنَّصُّ الصحة أيضاً لوجود الاستدعاء الجازم.

وقد رُوِيَ أَنَّ الأَعْرَابِيَّ الَّذِي خَطَبَ الواهبة قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: زَوَّجْنِيْهَا فقال: "زَوَّجْتُكَهَا" ولم ينقل أنه قال بعد ذلك: قبلت (٣). وهذا ظاهر المذهب؛ وبه قال أبو حَنيْفَةَ -رضي الله عنه- وحكى الإِمَامُ أن من الأصحاب من أثبت فيه الْخِلاَفَ الذي سبق في "البيع". ذكره. والخلع، والصلح عن الدم والإِعتاق على المال أولى بأن ينعقد بالاستيجاب والإِيجاب فإذا قالت: طلقني أو خالعنيَ على أَلْفٍ، فأجابها الزوج طلقت ولزمها الألف، ولا حاجة إلى قبول بعده.

وكذا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ: أعتقني على كذا، فأجابه إليه، أو قال من عليه القِصَاصُ: صالحني على كذا، فقال المستحق: صالحتك عليه، وإنما كانت أَوْلَى بالانعقاد؛ لأن الْغَرَضَ الأَصْلِيَّ من هذه العقود الطلاق، والعِتْقُ والعَفُّو، وهذه المقاصد يمكن تحصيلها بلا عِوَضٍ، وإن ذكر عوض فهو على سبيل الاقتداء والتبعية ولهذا صح


(١) قال النووي: لا يكفي القبول في المجلس بل يشترط الفور.
(٢) قال الشيخ البلقيني: هذا ليس بالمعتمد؛ لأن هذا فرع من فروع القاضي.
والقاضي يجوز أن يولي نائبه القضاء وللإمام أن يولي القاضي بالمشافهة باللفظ والمراسلة والمكاتبة عند الغيبة ويجيء في المكاتبة والمَراسلة خلاف كما قاله في الوكالة.
(٣) أخرجه البخاري [٢٣١٠ - ٥٠٢٩ - ٥٠٣٠ - ٥٠٧٨ - ٥١٢٠ - ٥١٢٦ - ٥١٣٢ - ٥١٣٥ - ٥١٤١ - ٥١٤٩ - ٥١٥٠ - ٥٨٧١ - ٧٤١٧، مسلم ١٤٢٥] من حديث سهل بن سعد، وعند غيرهما بألفاظ كثيرة، وهو كما قال، ليس في شيء من الطرق أنه قال: قبلت.
قال الحافظ: فائدة: جاء في بعض طرقه: ملكتكها، وملكناكها، وأمكناكها، وأنكحناكها، وزوجناكها: وأبحناكها، وغير ذلك، واحتج به من أباحه بغير لفظ النكاح والتزويج ورده البغوي بأنه اختلاف من الرواة في قصة واحدة، ولم يقع التعدد فيها، فدل على أن من روى بخلاف لفظ التزويج، لم يراع اللفظ الواقع في العقد، ولفظ التزويج رواية أكثر والأحفظ فهي المعتمدة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>