كما لو أَسلَمَ، وتحْته أُخْتان أَسلمتا، معه، ولَيْسَ كالصورة السَّابقة، فإنه مُسْلمٌ عند نكاحِ الثانية، فلا ينكح الأُخت على الأَخت، وههنا النكاحان وَقَعَا في الشِّرْك، ويمكن أن يُعْلَم قوله في الكتاب، "وكذلك إن أَسلمت بَعْدَ الْمَسِيس وقبل انقضاء الْعِدَّةِ" بالميم والألف.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: غرض الفصل السابق هُوَ الكلامِ الجُمَلِيُّ في مواضعِ استمرارِ النِّكَاح، والتقريرُ عليه بَعْدَ الإِسلام، وفي مواضع عدم الاستمرارِ، كما بيّن، والمقصود الآن بَيَانُ شرط الاستمرار، فَنقول: إِن لم يقترن شيء من مفسدات النكاح، فالعقد البخاري في الشرك باقٍ بحاله، ولا يقدح فيه عروضُ الإِسلام، فهو مقرَّر عليه مستمرٌّ، وإن كانوا يعتقدون فسادَ شَيْء من ذلك، لم نُبَالِ باعتقادهم، وأَدَ مْنَا ما هو صحيح عندنا في دِينِنا، وإِن اقترن شيءٌ من المفسدات، نُظِرَ؛ إِن كان زائلاً عند الإِسلام، وكانت بحيث يجُوزُ نكاحُها حينئذٍ ابتداءً، فكذلك الحْكُم، إِلا، إِذا كانوا يعتقدون فَسَادَهُ وانقطاعه وإِنَّما حَكْمنا بالاستمرار مع اقتران المُفْسد بالعَقْد على سبيل الرخصة والتخفيف، وقد رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لِفَيْرُوزِ الدَّيلَمِيَّ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى أخْتَيْنِ:"اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ"(١) ولو أُخذوا بحكم الإِسلام وشرطه، لبحث كيفية النكاحين، وحكم ببطلانهما إنْ جريا معاً، وبصحَّة الأول، إِن تعاقبا، وإِنْ كان المُفْسِد باقياً وقت الإِسلام، وكانت بحيثُ لا يجوز ابتداءُ نكاحها، فلا تقرير، بل يندفِعُ النِّكاح، ويتخرَّج علىَ هذا الضبْطِ مسائلُ:
المسأَلة الأولى: العقد البخاري في الكُفْر بلا وليٍّ، وَلاَ شُهُودٍ، يُقَرُّ عليه بَعْدَ الإِسْلاَمِ؛ لأنه لا مفسد عند الإِسلام، ونكاحُها ابتداءٌ جائزٌ وكذلك لو أَجبر
(١) أخرجه الشَّافعي وأحمد وأبو داود [٢٢٤٣] والترمذي [١١٢٩] وابن ماجة [١٩٥١] وابن حبان [١٢٧٦ موارده] من حديثه وصححه البيهقي [٧/ ١٨٤] وأعله العقيلي وغيره.