للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمَا انْدَفَعَتِ الأَمَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أسْلَمَ عَلَى أَمَةٍ وَهُوَ مُوسِرٌ بِيَسَارٍ طَارِئً، وَقيلَ: يَنْدَفِعُ أَيْضاً بِالْعِدَّةِ الطَّارِئَةِ وَالإِحْرَامِ، وَيكُونُ حَالُ الإِسْلاَمِ كَابْتِدَاءِ العَقْدِ مُطْلَقاً، وَلَوْ أسْلَمَتْ وَارْتَدَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ انْدَفَعَ نِكَاحُهَا إن لَمْ تَرْجِعْ قَبْلَ العِدَّةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: بيَّنَّا الحكم فيما إِذا لم يقترنْ بالعقد الجَارِي في الشِّرْك، ولا بالإِسلام مفسد، وفيما إذا اقترن بالعقد مفسدٌ، وَهَذَا الفَصْلُ لِبَيَانِ قِسْمٍ ثَالثٍ، وهو ألاَّ يقترن بالعَقْد مُفْسِدِ لكن يطرأ بعْد مُفْسِدٌ ويقترن بالإِسلام، وفيه مَسَائِلُ بناها جماعةٌ من الأئمة على أن الاختيار والإِمساك بعَقْدٍ جرى في الشِّرْك جارٍ مجرى استدامة النكاح، أَو مجرى ابتدائه، قالوا: وفيه قولان مستنبطان:

أَحَدُهُمَا: أنه جَار مَجْرَى الاستدامة؛ بدليل أَنه لا يحتاج إِلَى صيغة النكاح، ولا يشترط فيه الوليُّ ولا الشهودُ ولا رضا المرأة؛ ولأنه استدراك عقْدٍ أَشرف على الزوال، فأَشبه الرجعة.

والثاني: أَنه جَارٍ مَجْرَى الابتداء؛ لأَن حال الإِسْلام هو حالُ التزامهم حُكْمَ الدين، ولم يكونوا مُلْتزِمِينَ للأَحكام عند العَقْد، فيقام حال إسلامهم مقام ابتداء العَقْد، وينظر إلى حصول الشرائط حينئذٍ، ولذلك قلْنا: إِذا نكح الكافرُ معتدَّةً [وأسلم والعدة] (١) باقية يندفع النكاح، كما يمنع ابتداء نكاحها، وهي في العدة.

قال صاحب "التَّتِمَّةِ" وهذه القاعدة في التحْقِيقِ مبنيَّةٌ علَى أَن أنكحتهم في الشِّرْك صحيحةٌ أَم لا، وفيه خلافٌ سيأتي، فإنْ قلْنا: إِنَّها صحيحةٌ، فالاختيار استدامته، وإِلا فهو جار مَجْرى الابتداء، لكن هذا الَبناء يقتضي أن يكونَ جريانُها مَجْرى الاستدامة أَظهر؛ لأَن الصحيح صحَّةُ أَنكحتهم.

والمشْهُورُ في كلام الأَصحاب تَرْجِيحُ جريانه مَجْرى الابتداء، ورَدُّوا على من قال بالاستدامة، ونسبوه إلَى مذهب أبي ثَوْرٍ.

إذا عُرفَ ذلك، [فإحدى المسائل] (٢) إِذا أَسلم الرجُلُ، ووْطِئَتِ المرأة بالشبهة ثم أسلمت، فالمشهور والمحكيُّ عن نصه في رواية الربيع استمرارُ النكاح، وكذا لو أَسلمتِ المرأَةُ، فوُطِئَت بالشبهة في زمان التوقّف، ثم أسلم الزوْجُ قبل انقضاء مدة العدة، يستمر النكاح، وإِن كان لا يجوز ابتداءُ نكاحِ المعتدَّة؛ لأَنَّ عدَّة الشبهة إِذا طَرَأت على نكاح المسلِمِين، لم تقطعْه، فأَوَلى ألا تقطع الأَنكحة الجارية في الشِّرْك، وهذا ما قطع به الصَّيْدَلاَنِيُّ.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: فالمسألة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>