للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- مِثْلُ ذَلِكَ، وقد يُتركُ التنْزِيل، ويقال: في المسألة ثلاثةُ أقوالٍ، كما في "الكتاب" وفي "الشَّامِلِ"؛ أن بعض الأصحاب ذَهَبَ إلى أنَّ خِيَارَهَا مقدَّرٌ بالمجْلِس.

التفريع: إن قُلْنَا: إنَّه على الفَوْر، فالحُكْمُ على ما ذكَرْنا في الرَّدِّ بالعَيْب، وفي الشُّفْعَة، وذكر الإمام -قَدَّسَ اللهُ رَوحَهُ- تفريعاً على القَوْل الثاني؛ أن ابتداء الأيَّام الثَّلاَثَةِ تُحسبُ من وقْت تخييرها، وَذَلِكَ إذا علمت بالعِتْق، وبتأثيره في الخيار، ولاَ تُحسبُ من وقْت العِتْق، وذكر تفريعاً على القول الثالث: أنَّها لو مَكَّنت، ولكن لم يُصِبْهَا الزوْجُ لا يبطلْ حَقِهَا؛ لأن التمكين من الوطء لا يتحقَّق إلا عند حصول الوطء، وإنَّه لو أَصَابَهَا الزوج قَهْراً، ففي سقوط الخيار تردُّد؛ لأنها كانت متمكِّنة من الفَسْخ عند الوطء فإن كانَ قد قبض علَى فيهَا، فلا تردُّد في بقاء حَقِّهَا وحكى القاضِي ابنُ كَجٍّ تفريعاً علَى [هذا القول] (١) وجهين فيما إذا قال: أصبتها، وأَنْكَرَتْ، في وجْه يُصدَّقُ الزوج؛ لأن الأصْلَ بقاء النِّكَاحِ، وفي وجْهٍ: تُصدَّق الزوجة؛ لأن الأَصْلَ عدَمُ الإِصابَةِ، وبقاءُ الخيار، ولو تمكَّنت من الفسخ، ولم تَفْسَخ وقلْنا بالقول الأوَّل؛ أو مضتْ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، ولم تفْسَخ، وقُلْنَا بالْقَولِ الثَّانِي، أو مكَّنت من الوطء وقلْنا بالقول الثالث، ثم ادَّعت الجَهْلَ بالعِتْق، فالَقولُ قولُها مع يمينها، إن لم يُكَذِّبْها ظاهرُ الحال؛ بأن كان السيِّدُ غائباً وقْتَ العِتْق، وإن كذَّبها ظاهرُ الحال؛ بأن كانت معه في بيته، وبعُدَ خفاءِ العِتْق علَيْها، فالمصدَّق الزوج، ومنهم من أَطْلَقَ في الْمَسْأَلَةِ قولَيْن، ويحْكَى ذلك عن أبي إِسْحَاقَ، والظاهرُ الأول، وإنِ ادَّعَتِ الجَهْلَ؛ بأن العتق يُثْبِتُ الخِيار، فقولان:

أحدهما: أنها لا تصدَّق ويبطل الخيار، كما إذا قَالَ الْمُشْتَرِي لم أعلم أنَّ العَيْبَ يُثْبِت الخيار.

وأصحُّهما: التصْدِيقُ؛ لأن الأصل عدَمُ العِلْم، ويخالف خيار العيب؛ لأنه مشهور يعرفه كلُّ أحد، وهذا خفيٌّ لا يعرفه إلا الخواصُّ.

وحكَى أبو الفرج الزاز طَرِيقةً قَاطِعَةً بالقول الأول، وهي بعيدةٌ وأما قوله في الكتاب: "ولو ادَّعَتِ الجَهْلَ بَأَنِ الخيارَ عَلَى الفَوْرِ لم تْعْذَر" (٢) فيجوز أن يُوجَّه بأن الغالِبَ أنَّ مَنْ علم أصْلَ ثبوت الخيار يَعْلَم كونه أيضاً على الفَوْر، وإذا علمتْ أن ههنا خياراً، بسبب النقصان أشبه أن تعرف التحاقه به، ولم أَرَ تعرُّضاً لهذه الصورة في سائِرِ كتب الأصحاب، نعم، صوَّرها العَبَّادِيُّ في "الرقم" وأجاب بأنَّها، إن كانت قديمة العهد


(١) في ز: هذين القولين.
(٢) قال في المهمات: دعوى الجهل بالفور مذكور في الشامل لابن الصباغ في اللعان وحكي فيها قولان من غير تفصيل بين قريبة العهد بالإِسلام وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>